الإسلام هو دين القوة، وهذه ميزته في ديانات التوحيد الثلاث. فالمسيحية دين التسامح، واليهودية دين التشدد والانغلاق، والإسلام دين السيف والقوة. الأمثلة كثيرة على أنّ الإسلام دين القوة، لكني سأبني هذه المقاربة على مبدأ لا إكراه في الدين متزامناً مع دور السيف في ثقافة المسلمين.
ماذا يعني بالضبط نص الآية “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ” في سورة البقرة؟ إنه معنى يتماهى تماماً مع معنى آية “إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم في سورة الرعد.” لكن التفاسير تختلف وتذهب بعيدا في افتراضات تقود المعنى الحرفيب للآية إلى منطقة مظلمة بعيدة.
التفسير السني والوهابي
فقد ذهب ابن باز المفتي السعودي إلى أنّ:
هذه الآية خاصة لأهل الكتاب والمجوس إذا بذلوا الجزية والتزموا الصغار فإنهم لا يكرهون على الإسلام لهذه الآية الكريمة ولقوله سبحانه في سورة التوبة: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة: 29] فرفع سبحانه عن أهل الكتاب القتال إذا أعطوا الجزية والتزموا الصغار.
وبذلك فقد نزع المعنى العام الدلالي الواضح الفصيح عنها. فهي تنهى المؤمنين عن إكراه غير المؤنين بالاذعان للإسلام.
أما ابن كثير ففسرها بالقول:
يقول تعالى: “لا إكراه في الدين” أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام، فإنه بيِّن واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوَّر بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى اللّه قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسوراً، وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار وإن كان حكمها عاماً.
فيما يقول الشيخ خالد بن عثمان السبت:
يؤخذ من هذه الآية الكريمة من المعاني والهدايات لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ، الدين دين الفطرة الدين الصحيح، دين الله -تبارك وتعالى- الذي اختاره لعباده في غاية الوضوح، وهو موافق للفِطر السليمة: كل مولود يولد على الفطرة، فهذه هي الإسلام، ومن ثَم فإنه لا حاجة للإكراه على الدخول فيه، إنما قد يُكره على من خفيت أعلامه وغمُضت معالمه، أما هذا الدين فهو في حال من الجلاء لا يحتاج إلى ذلك.
كذلك قد يُكره على الدخول في شيء كريه إلى النفوس ثقيل عليها، أما هذا الدين فهو موافق لفِطرها تنجذب إليه وتجد فيه راحتها وروحها وسكونها وعافيتها، وتجد فيه السعادة في الدنيا قبل الآخرة، قبل ذلك يكون الإنسان في حال من التشتت والشرود، والتنازع، والتشرذم، والضيق، والحرج في صدره فيتسع بنور الإيمان، فمثل هذا لا يحتاج إلى إكراه، والعاقل المُنصف يُدرك حقية هذا الدين، وما فيه من الصلاح والإصلاح، وما فيه من الرُشد ومجانبة الغي، فكل من نظر فيه بإنصاف أدرك ذلك واختاره طواعية من غير إكراه، بخلاف من كان فاسد القصد، سيء النية، فاسد الإرادة مثل هذا قد يؤثر الباطل لأمر في نفسه من حسد، أو غلبة، أو نحو ذلك، كما يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله.
كذلك أيضًا في قوله: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ، هذه الصيغة خبرية لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ لكن معناها الإنشاء، يعني: لا تكرِهوا أحدًا، معناها نهي ينهانا ربنا -تبارك وتعالى- أن نُكره أحدًا على الدخول في الإسلام، وهذا يرد على من يزعم من المستشرقين ومن تأثر بهم من أن الإسلام إنما انتشر بالقوة بالسيف وهذا غير صحيح، فُتحت البلاد في غالب الأحيان والأحوال بالجهاد.
لكن الواضح مما ذكر أعلاه، ان الدين الإسلامي هو دين الفطرة، وإذا خرج الانسان عن فطرته خرج عن الاجماع وجاز قتله. وهذا لعمري تناقض كبير ومراوغة في المعاني.
التفسير الشيعي
فيما يفسرها مراجع الشيعة بطريقة أقل حدة، لكنها أكثر غموضاً فيقول السيد محمد حسين فضل الله:
هناك من يرى في هذه الفقرة حكماً شرعياً يدعو النبي إلى عدم إكراه الآخرين على الدخول في الدين، بل كل ما هناك أن يدعوهم إليه بالحجة والبرهان والحكمة والموعظة الحسنة، فيعرض أمامهم الرشد الواضح في مقابل الغيّ الواضح، ويترك لهم المجال لكي يتحملوا مسؤولية مصيرهم في الدنيا والآخرة من موقع الإرادة السلبية أو الإيجابية.
ولا يفصح فضل الله بصراحة عن موقف الشيعة من تفسير الآية لكنه يخلص الى التساؤل بغموض:
كيف نفهم القتال في الإسلام، ألم يكن جهاداً من أجل الدعوة؟ وكيف نفهم تخيير المشرك بين الإسلام وبين السيف، أليس هذا إكراهاً في الدين؟ فإذا لم يكن كذلك، فما معنى الإكراه؟
ثم يضع استنتاجا غير محسوم بالقول:
إن هذا الموضوع خاضع في حركيته للمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي قد تفرض بعض العناوين الثانوية التي يتبدل فيها الموضوع الذي يتبعه الحكم الشرعي، فيمكن للدولة الإسلامية، أو للمجتمع الإسلامي، إبقاء الملحد أو المشرك على عقيدته في نطاق القوانين والأنظمة العامة، ومنحه الحرية في بعض شؤونه الثقافية ليدخل في حوارات متنوعة مع المراكز الثقافية الإسلامية حول عقيدته الإلحادية أو المنحرفة أو الإشراكية من أجل الوصول معه إلى الوضوح في المسألة الفكرية في هذا الجانب أو ذاك، خصوصاً أنه من الصعب أن تلتقي إنساناً يؤمن بالإلحاد بمعنى اعتقاد النفي، لأن النفي يحتاج إلى دليل لا يملكه النافي، كما هو الإثبات بحاجة إلى الدليل.
أما السيد محمد علي السيستاني أكبر مراجع الشيعة في العالم في الألفية الثالثة فيقول على موقع مركز الأبحاث العقائدية:
هذه احدى الآيات الدالة على أن الإسلام لم يبتن على السيف والدم ولم يفت بالاكراه والعنوة على خلاف ما زعمه عدة من الباحثين من المنتحلين وغيرهم ان الإسلام دين السيف واستدلوا عليه: بالجهاد الذي هو أحد أركان هذا الدين.
وذكرنا في موضع سابق أن القتال الذي ندب اليه الإسلام ليس لغاية إحراز التقدم وبسط الدين بالقوة والاكراه، بل لاحياء الحق والدفاع عن أنفس متاع للفطرة وهو التوحيد، وأما بعد انبساط التوحيد بين الناس وخضوعهم لدين النبوة ولو بالتهود والتنصر فلا نزاع لمسلم مع موحد ولا جدال فالاشكال ناشئ من عدم التدبر.
ويظهر مما تقدم أن الآية أعنى قوله: “لا إكرَاهَ في الدّين” غير منسوخة بآية السيف كما ذكره بعضهم.
ومن الشواهد على أن الآية غير منسوخة التعليل الذي فيها أعني قوله: “قَد تَبَيَّنَ الرّشد منَ الغَيّ” فإن الناسخ ما لم ينسخ علة الحكم لم ينسخ نفس الحكم، فإن الحكم باق ببقاء سببه, ومعلوم أن تبين الرشد من الغي في أمر الإسلام أمر غير قابل للارتفاع بمثل آية السيف فإن قوله: “فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم” مثلا أو قوله: “وقاتلوا في سبيل الله” الآية لا يؤثران في ظهور حقية الدين شيئاً حتى ينسخا حكماً معلولاً لهذا.
وبعبارة أخرى الآية تعلل قوله: “لا اكراه” في الدين بظهور الحق، هو معنى لا يختلف حاله قبل نزول حكم القتال وبعد نزوله فهو ثابت على كل حال فهو غير منسوخ.
غموض في ظلال السيوف!
إزاء كل الغموض في تفسير آية بينة واضحة لا لبس فيها، نجد إصراراً على القوة وسفك الدماء من خلال السيف في الإسلام. ولعل علم المملكة العربية السعودية خير اعلان أنّ الإسلام هو دين السيف، وهو إعلان لا لبس فيه.
وفي كانون الثاني/ يناير 2021 ثارت ضجة في السعودية حول قضية السيف بعد أن غرد الكاتب السعودي، فهد عامر الأحمدي، بالقول: “اقترح إزالة السيف من علمنا السعودي لعدم مناسبته (أولا) لعصرنا الحالي، ولعدم تؤائمه (ثانيا) مع قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِينِ و(ثالثا) لنفي ادعاءات العنف والقتل عن ديننا الحنيف.. علما أن العلم السعودي تغير ست مرات لم يكن في مرتين منها يحمل سيفا كما يتضح من الصور.
ويعرض المغرد صورا لتغيرات طرأت على العلم السعودي، وخلت احدى نسخ العلم من السيف.
لكنّ التغريدة اعتبرت جريئة وخارجة عن عرف السعوديين بالافتخار بالسيف، وهو وسيلتهم المفضلة لفرض عقوبات الله وتنفيذ احكامه، كما انها وسيلتهم المفضلة في اكرام الضيوف، وقد رقص الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع العاهل السعودي رقصة السيف.
رد الأمير سطام بن خالد آل سعود، على تغريدة الأحمدي قائلا: “السيف هو رمز للقوة والعدل وجزء أصيل في تاريخنا فلا ننسى أن ملوكنا يرفعون السيف أثناء العرضة للتعبير عن القوة والعزة والكرامة وشارك فيها الكثير من رؤساء العالم ورفعوا السيف فهل هذا يعني بأنهم يدعون للعنف، على نفس المبدأ نغير أسماؤنا وتاريخنا وشعار الدولة حتى لا نتهم بالعنف كما تدعي”.
العلم السعودي عبر التاريخ
وسبق للمركز الوطني للوثائق والمحفوظات في السعودية أن تطرق عام 2016 في بيان منشور إلى نفس العقدة بالقول: “بالنظر إلى الوثائق التاريخية تبين أن تطور العلم السعودي متجـذر في تاريخ الدولة السعودية منذ تأسيسها في منتصف القرن الثاني عشر الهجري الثامن عشر الميلادي مر بعدد من المراحل عبر المؤسسات الرسمية في عهد المغفور له المؤسس الملك عبد العزيز ولم يكن مجرد فكرة شخصية.
ثم استعرض البيان تاريخ تطورات العلم السعودي مؤكداً في النهاية أن كل نسخ العلم محترمة!
مكانة السيف واسماؤه المقدسة!
أكثر من مائة وتسعة وثمانين اسماً ولقباً ارتبطت عند العرب بالسيف الذي تفننوا بصناعته وقد تحوّل من سلاح للحروب إلى قطعة فنية تؤرخ للفخر الدامي عند العرب.
وهذه نبذة عن سيوف المسلمين الصحابة الذين قاتلوا مع الرسول:
*سيف علي بن أبي طالب: واسمه ذو الفقار، ويروي السنة بتواتر معروف أنه كان للعاص بن منبه بن الحجاج بن عامر السهمي فقتله علي بن أبي طالب يوم معركة بدر وجاء بسيفه لرسول الله صلى الله عليه، فنفله إيّاه وما روي بأنّ هذا السيف نزل من السماء، فلا يصح. لكن الرواية الشيعية تختلف تماما، وتذهب وقال أبو العباس: سمّي سيف النَّبيّ ذا الفقار لأنّه كانت فيه حفر صغار حسان، وقد سئل الإمام الصادق لِمَ سمي ذو الفقار؟ فقال: “سمّي ذو الفقار لأنّه ما ضرب به أمير المؤمنين أحداً إلاّ افتقر في الدنيا من الحياة وفي الآخرة من الجنّة”.
واختلفت الآثار المرويّة في مصدره وأسباب نزوله من السماء وتاريخ نزوله، ففي بعض الروايات أنّ جبريل أنزله يوم معركة بدر أو معركة أحد , وفي بعضها الآخر أنّ الله أنزله مع آدم من الجنّة وكان آدم يحارب أعداءه من الجنّ والشياطين.
لكن المرجح أن هذا السيف موجود الآن بمسجد السلطتان سليم بتركيا، وهو من باقيا الرث النبوي الذي حفظته السلطنة العثمانية. لكنّ تنتشر في إيران وطاجيكستان وأذربيجان نسخ أخرى من السيف، وعليها نقوش مختلفة.
*سيف عمر بن الخطاب: ويطلق على سيف ابن الخطاب بذي الوشاح، وأعطاه لابنه عبيد الله، وقال فيه ابنه: إذا كان سيفي ذو الوشاح ومركبي ال لطيم فلم يطلل دم أنا طالبه
*سيف حمزة بن عبد المطلب: ويطلق على سيفه باللياح، وقال فيه يوم أحد حين قُتل عثمان بن أبي طلحة: قد ذاق عثمان يوم الحر من أحد وقع اللياح فأودى وهو مذموم سيف عمرو بن معدي كرب الزبيدي: الصمصامة، وهب له من قبل علقمة بن ذي قيفان.
*سيف عبد المطلب بن هاشم: ويطلق على سيف جد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعطشان، وقال فيه: من خانه سيفه في يوم ملحمة فإن عطشان لم ينكل ولم يخن
*سيف هبيرة بن أبي وهب المخزومي: اسم سيفه الهذلول، وقال فيه: كم من كميّ قد سلبت سلاحه وغادره الهذلول يكبو مجدلا
*سيف الحارث بن هشام بن المغيرة: اسمه الأخيرس، وقال فيه: فما جنّبت خيلى بفحل ولا ونت ولا لمت يوم الروع وقع الأخيرس.
*سيف عكرمة بن أبي جهل: اسم سيفه النزيف، وقال فيه يوم بدر: وقبلهما أودى النزيف سميدعا له في سناء المجد بيت ومنصب
*سيف عمرو بن عبد ودّ العامري: اسمه الملد، وقال فيه: إن الملد لسيف ما ضربت به يوما من الدهر إلا حزّ أو كسرا
*سيف عمرو بن العاص بن وائل السهمي: اسمه اللحج، وقال فيه: أضربهم باللج حتى يخلّوا الفرج
*سيف عمر بن سعد بن أبي وقاص: اسمه الملاء، وقيل فيه: تجرّد فيها والملاء بكفه ليخمد منها ما تشذر واستعر
*سيف خالد بن الوليد بن المغيرة: كان له ثلاثة سيوف وهم: المرسب وسيف آخر يُقال له الأدلق، وثالث سيف هو القرطبي.
وعشرات السيوف الأخرى الشهيرة، وكلها أدوات قتل وذبح حملت على شفارها شعارات نشر الإسلام المحمدي الأصيل.
لمحة تاريخية عن السيوف
بحسب كتاب “تأريخ ما أهمله التاريخ” فإن صناعة السيوف في التاريخ العربي قد شهدت تطوراً كبيراً منذ العصر الجاهلي، مروراً بالفتوحات الإسلامية، وصولاً إلى نحت السيف الدمشقي، ثم السيف الاموي الأندلسي وهو خليط من سبائك تلكم البلاد، وقد صنع في مدينة طليطلة أثناء الوجود الإسلامي في الأندلس. ويقول القلقشندي في كتابه صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، عن السيوف ونسبتها: إن من أنواع السيف: “سيف الفولاذ” وهو المصنوع من حديد ذكر يسمى الفولاذ، أما إذا صنع من حديد أنثى قيل له “سيف أنيث”، وإن صنع متنه من حديد أنثى وحدآه من حديد ذكر قيل عنه “سيف مُذكر” وإذا صنع من الصفيح العريض قيل عنه “صفيحة”. وإنْ كان محدقاً لطيفاً قيل عنه “قضيب” وإن كان السيف قصيراً يُحمل تحت الثياب قيل عنه “مِشمل”، وإن كان له حد واحد وجانبه الآخر جاف قيل عنه “صمصامة”. وتارة ينسب السيف إلى بلد الصنع فيقال للسيف الذي يصنع في الهند “سيف هندي” أو “مهند” والذي صنع في اليمن يقال له “يمانٍ” والذي صنع في المشارف بريف العراق يقال له “مشرفي”، كما ينسب السيف إلى صانعه أو المصنوع له فيقال “سيف السريجي” أي نسبة إلى سريج وهو من حدادي العرب الذين عرفوا بحسن صناعة السيوف.
أشهر الأسماء التي ارتبطت بالسيف عند العرب
أورد كتاب “معجم أسماء سيوف العرب وأصحابها: معانيها، ما قيل فيها أو في أسمائها من الشعر والنثر القديم” لزيد عبد الله الزيد (2009) أكثر من مائة وتسعة وثمانين اسماً ولقباً ارتبطت جميعها بالسيف عند العرب منذ العصر الجاهلي حتى استخدام أسلحة متطورة في الحروب. وكان لرسول الإسلام عدة سيوف مشهورة جمعها زيد عبد الله الزيد في كتابه أسماء سيوف الرسول صل الله عليه وسلم: صنفها، معانيها وما قيل في هذه الأسماء (2009)، وهي: المأثور، البتار، الجراز، الحتف، الحيف، المخذر، الرسوب، الصمصامة، المعصوب، اليماني، القلعي، القضيب، ذو الفقار، العضب. أما عن أشهر أسماء السيوف عند العرب: الأبتر: هو السيف القصير؛ الإبريق، هو السيف الأبيض الناصع شديد البريق، وقيل كثير الماء (أي متعدد التموجات أو الجوهر)؛ والأذود هو السيف القاطع؛ وأمّا الأرقب، هو السيف غليظ النصل؛ والإصليت، هو السيف الصقيل أو الصارم، المجرد من الغمد، وقيل: الذي لا يعلق به دم المضروب. أمّا الأقلف فهو السيف بحد محزز واحد، وقيل الذي له حد واحد وحزز طرف ظبته، والأنيث هو السيف المصنوع من حديد غير ذكر (أي الذي صنع من الحديد لا الفولاذ)، كما أنّ الباتك أو البتوك هو السيف القطاع (وهو اسم سيف لملك بن كعب الهمذاني). بقيت أسماء سيوف الفرسان الذين اشتهروا في التاريخ العربي، فمن أشهر سيوف التاريخ العربي، “ذو الفقار” كان سيف علي بن أبي طالب؛ والأخيرس، هو اسم لسيف الحارث بن هشام؛ والأفل وهو اسم سيف عدي بن حاتم الطائي؛ وأمّا الأولق فهو اسم سيف خالد بن الوليد، وأخيراً، العماري هو اسم لسيف أبرهة بن الصباح الحميري.
السيف الدمشقي وتميزه في التاريخ العربي
تميز السيف الدمشقي “المصنوع من فولاذ الصلب المرن الذي كان يعتبر أشهر أنواع المعادن” بأشكاله المختلفة وزخارفه المتموجة، اعتمد في تصنيعه على تفحيم الحديد Carburization إلى درجة الحرارة الحمراء بتماس مع مواد كربونية شبيهة بالفحم في أوعية مغلقة، ينتج عنه خليط ما بين الحديد والفحم.
وقد تميز الفولاذ الدمشقي بقساوة استثنائية، وبصفاء مظهره المتموج المخطط.
العناية بفتل ولحام صنفين من الحديد أو الفولاذ أعطت هذا السيف القدرة على القطع الفائق، كذلك تمّ تطعيم مقبضه بزخارف جميلة من الذهب والفضة، وتشتهر مدينة دمشق منذ القدم بتطعيم وتخريم وتزيين المعادن.
ومع غزو تيمورلنك للعالم الاسلامي سنة 803هـ/1400م انهارت صناعة السيوف بسبب قيامه بإرسال جميع صناع السيوف المهرة من دمشق إلى مدينة سمرقند، ففرغت منهم المدينة وتدهورت الصناعة.
ولمكانة هذه الصناعة التي اشتهرت بها بلاد الشام أقيم للسيف الدمشقي نصب تذكاري في قلب ساحة الأمويين بالعاصمة السورية دمشق ليشكل معلماً أساسياً لها.
ووصل الأمر أن تتغنى فيروز الرقيقة التي تبشر بالحب والمحبة بالسيف الدمشقي في أغنيتها الشهيرة “شام يا ذا السيف”:
شام يا ذا السيف لم يَغِبِ …. يا كلام المجد في الكُتُبِ
قَبْلَكِ التاريخُ في ظُلْمَةٍ… بَعْدَكِ استولى على الشُهُبِ
لكن نفس فيروز سبقت أن غنت وبكل رقة للسيوف القاطعات:
كل السيوف قواطع إن جردت… وحسامُ لحظكَ قاطع في غمده
إن شئتَ تقتلني فأنتَ محكم… من ذا يطالبُ سيداً في عبده
ملهم الملائكة
0 تعليق