تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

عراقيون في إيران وإيرانيون في العراق

فبراير 18, 2021 | 0 تعليقات

بين العراق وإيران اختلاط أنساب كبير ومتداخل منذ قرون، لكنّ سياسة دولة المساجد العميقة القائمة على جعل المساجد والحسينيات منابر سياسية لنشر ايديولوجيا الإسلام السياسي وتغييب الهويات الأخرى، اثبتت أنها طريقة ناجحة في إيران، والعراق إلى حد كبير. وحيث تقوم أضرحة أئمة الشيعة وأقاربهم وأتباعهم من القادة، يتبدى بوضوح جلي هذا التداخل الدموي.

يحاول العراقيون في إيران أن يشرعنوا وجودهم، ومثلهم حاول الإيرانيون ذلك في العراق، حتى قضت عليهم سلطة البعث وصدّرتهم (هجّرتهم بالقوة) إلى إيران، ليبقى بعضهم تائهاً حتى اليوم بلا هوية. ويجب الحذر تماما في وصف الشخص بأنّه عراقي إيراني أو إيراني عراقي، أو الاثنين، فكثيرون ولدوا في مشهد أو قم، وكبروا في إيران ولا يتقنون من العربية سوى العراقية الدارجة، لكنهم يعرّفون أنفسهم بأنهم عراقيون، والعكس صحيح. والحقيقة هي أن تداخل الانساب طبيعي بين الأمم، وخاصة في المناطق الدينية الشيعية، حيث تمثل المدن مناطق تجمع سكاني شيعي تنسحق فيه كل الخصائص والهويات غير الشيعية. وإذا ذهبت إلى مدينة مشهد أو قم، أو النجف أو كربلاء، ففي الغالب لن يهتم الناس إلى كونك إيراني أو عراقي. وقد تعزز هذا الشعور بالوحدة الشيعية إذا صح الوصف بعد اسقاط نظام صدام حسين في العراق، فبات الباب مفتوحا على سعته لعودة المسفرين (ويسمون بالفارسية معاود)، ولا أحد يعرف أعدادهم بالضبط، لكنهم حتما مئات الالوف.

واقام كثير من العراقيين في إيران مختلطين مع الإيرانيين ذوي الأصول العراقية. إحصاءات غير رسمية إيرانية قدرت أعدادهم بأكثر من 200 ألف شخص في عام 2001 .

وتتفق مع هذا الرقم تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لكنّ اختلاط الأنساب لم يشر له أحد، فالعراقيون في إيران ما برحوا يفضلون الزواج من عراقيات، ولكن بقي هذا الأمر محصورا في سكان مخيمات اللجوء المنتشرة على طول غرب إيران، وحدّت من هذه الظاهرة إلى حد كبير قضية ارتفاع مهور العربيات العراقيات التي بلغت أرقاما لم يكن بمقدور أغلب العراقيين المهاجرين الفقراء في إيران توفيرها، فلجأوا إلى الزواج بالإيرانيات من سكان القرى، أو المطلقات من مدينة مشهد خاصة.

في مخيمات اللاجئين العراقيين هناك قوتان، قوة المسجد (الطبقة الدينية السياسية) وقوة العشيرة(القبيلة وكبارها)، وقد تحالفت بشكل آلي مع المسجد. العراقيون يراقبون بعضهم في مساجد المخيمات، ويتناقلون أخبار بعضهم ويختبرون أيمان بعضهم ويشكّون في ولاء البعض ويخوّنون البعض بموجب قوانين المسجد، وبقي هذا نافذا إلى حد كبير حتى عام 2003، حيث أسقط الامريكيون سلطة صدام حسين، وخرجوا بالعراق من المعادلة العربية القديمة، ليضعوا البلد في مهب رياح المعادلة الإسلامية، فبات نهباً لتجاذبات وصراعات إيران وتركيا والسعودية. ولم تفلح الولايات المتحدة في صناعة طبقة تدين لها بالولاء، لأنّ اغلب من دعموا الولايات المتحدة الأمريكية في عمليات “تحرير العراق” عام 2003 وما بعدها، قد هاجروا مع انسحاب القوات الامريكية من العراق عام 2011، واستقروا في الولايات المتحدة كأصدقاء لها، لكنّهم لم ينجحوا قط في أن يكونوا طبقة متكاملة الخواص.

إيراني أم عراقي أم أفغاني أم طاجيكي؟

خلاف ذلك، فإنّ إيران بالذات نجحت في أن تصنع طبقة موالية لها، تركزت بين سكان مخيمات اللاجئين الفقراء فظهرت منهم أسماء قبلية. أما بين سكان المدن الإيرانية فتكونت طبقة العراقيين الشيعة الأغنياء، ومنهم تكونت طبقة يمكن أن نصفها بأنها “الصف الأول من طبقة المتدينين من سكان المدن” وبينهم أغنياء ونافذون في البلدين على حد سواء، ولا تعرف حتى الحكومة الإيرانية أو العراقية إن كانوا عراقيين أم إيرانيين، ولذلك أمثلة كثيرة، منها:

آل الشهرستاني، ومنهم حسين شهرستاني وزير النفط العراقي وعالم الفيزياء النووية الشهير الذي تحدى صداما فقضى في السجن 11 عاما.

النعمان بن ثابت، المرجع السني المعروف بالإمام الأعظم أبو حنيفة

الأمير حسين بن روح نوبختي

الشاعر البصري، بشار بن برد

رجل الدين الشيعي مرعشي نجفي

علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني وكبير المفاوضين في البرنامج النووي الإيراني .

محمود الهاشمي شاهرودي رئيس السلطة القضائية .

علي أكبر صالحي رئيس الوكالة الإيرانية النووية.

آل زنكنة ومنهم صباح زنكنة، النافذ في وزارة الخارجية الإيرانية.

صباح زنكنه دبلوماسي إيراني رفيع من أصل عراقي
صباح زنكنه دبلوماسي إيراني كبير من اصول عراقية

محسن عراقي الأمين العام للتقريب بين المذاهب الإسلامية.

محمد رضا نقدي قائد قوات الباسيج .

السياسي الإيراني المعروف، علی لاریجاني

علاء الدین بروجردی

رجل الدين البارز محسن اراکی

صادق لاریجانی

السياسي  یحیی النوري

محمد حسیني شیرازي

المرجع المعروف الخوئي

المرجع المعروف السیستاني

مرجع السيستاني إيراني الأصل والمولد والنسب
المرجع علي السيستاني إيراني من منطقة سيستان وبلوشستان في إيران

اللغوي المعروف سيبويه (من كبار النحويين العرب)

المرجع المعروف السبزاوري

آل الحكيم

آل الصدر بفروعهم

آل الجواهري

آل الراضي

مرتضی العسكري

عماد الدین  التبریزی

مهدی شیرازی

عبدالرحمن الكيلاني أول رئيس وزراء عراقي

رشید عالی الكيلاني السياسي العراقي/ الإيراني المعروف الذي تحالف مع هتلر حين بات رئيسا لوزراء العراق

الشاعر جمیل صدقی الزهاوی

وهذا مجرد غيض من فيض كبير جداً، فالأنساب متداخلة إلى حد كبير، وهذا بالتأكيد ليس عيباً، بل هو عنصر اندماج وتآلف مثمر.

وفي العادة، يقيم العراقيون في دولة آباد الضاحية الجنوبية من العاصمة طهران وهم موجودون في شارع (كوجه) مروي في وسط العاصمة وأغلب سكانها من الفقراء المسفرين من الكرد الفيلية ومن سمتهم سلطات البعث ب”التبعية الايرانية”، وليس بينهم مهاجرون التحقوا في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين إلا نزرا يسيرا. ولهم حسينيات ومساجد تلمهم، لكنّ منهم كثيرون سكنوا مناطق مدينة كرمانشاه (باختران) حيث كان مقر فيلق بدر التابع للمجلس الاسلامي الأعلى في منطقة تنكة، وكذلك معسكر تدريبه الرئيسي في قرية قمام . قيادات حزب الدعوة، وحزب الله اللبناني، وزوجاتهم يقطنون المنطقة الشمالية من طهران مع الأثرياء الإيرانيين.

في مدينة قم، يتجمع العراقيون الفقراء بمنطقة” نيروكاه” الحزام الجنوبي الغربي الفقير، ولهم مساجد وتكايا وحسينيات، أشهرها النجفية، وحسينية فاطمة الزهراء، وحسينية سيدون. فيما يسكن الأغنياء منهم مناطق قم الجنوبية الغنية، ومناطق شمال قم حيث الأحياء العصرية.

أما زقاق “كزرخان” في قلب قم مقابل ضريح معصومة فهو ملتقى العراقيين من كل الطبقات، وهو سوق صغير فيه بضائع عراقية وشبه عراقية وإيرانية وشبه إيرانية. وتسمع فيه اللهجات والأصوات من نتاج الحضارتين، وتميز أهل النجف من أهل كربلاء من أهل الجنوب من أهل الكاظمية. ويكاد يكون النجفيون الطبقة الأقوى بين عراقيي مدينة قم. فيما تنتشر على أطراف كزرخان محلات صيرفة غير قانونية تضح ملايين الدولارات من الخارج إلى إيران ومنها إلى الخارج.

وفي مدينتي قم ومشهد خاصة، تقوى سلطة المساجد، وتصبح سبيلا لمراقبة العراقيين ومعرفة مستويات تقواهم وتعبدهم، حيث يتبارى الجميع في إظهار حب آل البيت والتشيع.

التشيع يجمع الشعبين ويخلط تقاليدهما وحتى انسابهما

وفي منطقة بجنورد الواقعة شرق إيران، يقيم فرع من قبيلة خزاعة العربية، لا يُعلم بالضبط تاريخ هجرتهم إلى هناك، وهم يتحدثون العربية والفارسية، ويشكلون مجتمعاً مغلقاً على نفسه تماماً.

بعض العراقيين سكنوا مدينة مشهد (الطوس) حيث مرقد الإمام الرضا، لكن بعد المدينة الواقعة في أقصى شرق إيران، قرب الحدود الافغانية، قلل دائما من ظهور الهوية العراقية فيها. وعلى العموم، فإنّ مدينة مشهد، شهدت اقامة عدد من المسفرين الأوائل في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، وتجمّع أغلبهم في منطقة “ثامن” الفقيرة التي تشهد مخالفات وجرائم عدة.

كردستان إيران يسكنه في العادة أكراد العراق حين يهاجرون إلى إيران، وأغلبهم من الفلاحين الذين لا يملكون سوى قوت يومهم، ولا يملكون أوراقاً ثبوتية عراقية، فهم تائهون بين جبال البلدين بلا وطن. ويستقرون عادة في الأطراف البعيدة من مدينة مريوان الحدودية، مركز عمليات التهريب والمهربين بين إيران والعراق كما مر في الفصل الخاص بالمدينة الحدودية الغارقة بالدولارات والمتع. وفي أقصى قرى كردستان إيران، يلتقي المرء عراقيين من مختلف الطبقات. وغرب دزلي التي بات مخيم اللاجئين فيها مركزا للجماعة الاسلامية، ولهم فيه قاعدة لوجستية، واذاعة موجهة إلى حوض بنجوين وطويلة، عناصر الجماعة الإسلامية تدعمهم أمن (إطلاعات) مريوان، يديرون المخيم من خلال المسجد القاتم الذي يحرك أوهام أولئك الفقراء. وبلغ الجهل بسكان المخيم مبلغا لم يعودوا يعرفون فيه ملامح العالم المتحضر، وحين يمرض أحدهم يذهبون به إلى إمام المسجد ليقرأ عليه الدعاء!

في طهران يتركز الكرد الفيليلة بمنطقة دولت آباد…صورة لمراسم حسينية اقامها الفيلية في طهران عام 2017

التقيت في قرية غاب اسمها عني غرب المخيم المشؤوم في دزلي،  بمدّرسة عراقية عربية أصلها من بعقوبة، غادرت العراق عام 1977، وسكنت في طابق علوي من بناء أسفله دكاكين، وحيدة في قرية نائية تجتر هموم الغربة المرعبة، ولا أنيس لها، سوى صانع الحلويات البغدادي الأصيل علي. ص الذي فتح محل حلوى قريب إلى بيتها وسكن في طابقه الأعلى مع عائلته، حيث أمسوا جسر ارتباط يتيم لهذه المسكينة بالعالم الخارجي.

وفي مدن عبادان وإقليم الأحواز وعيلام، توجد أعداد من العراقيين، أغلبهم من اللر أو الكرد الفيلية المسفرين، وقليل منهم من العراقيين الذين هاجروا إلى إيران في تسعينيات القرن الماضي بعد انتفاضة عام 1991 التي عمت العراق.

العراقيون في إيران، هم طبقة مسحوقة فقيرة في المجتمع، ولكن يتقدم عليهم في البؤس المهاجرون الأفغان، وتفوق أعدادهم مليوني مهاجر غير قانوني.

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

حكايات ساخرة بلا مناسبة

حكايات ساخرة بلا مناسبة

يصف الكاتب محمد حسين صبيح كبة برنامجاً روسياً افتراضياً عن لقاءات مع الناس ومع مهندسي نفط روس حول برج للنفط مائل الطباع بناه العراقيون، ويمضي ليصف أشياء أخرى غير ذات صلة بالنفط وابراجه. الحكاية بدأ الأمر بشكل لطيف وبدم خفيف. كان الأمر على شكل كاريكاتير في كتاب عن...

قراءة المزيد
كتابات ومفارقات

كتابات ومفارقات

يرى محمد حسين صبيح كبة أن فكرة التحول مما بين بشري وحيواني ونباتي وجمادي هي فكرة رهيبة راودت بعض العلماء مثل ذلك مثل محاولات العرب والمسلمين أمر محاولاتهم في الكيمياء وفي غير الكيمياء مثلا أمر إكسير الحياة ومثلا أمر تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب. الفكرة ممكنة...

قراءة المزيد
من وحي خطب الجمعة وسوق انتقالات كرة القدم

من وحي خطب الجمعة وسوق انتقالات كرة القدم

كتابات ساخرة من وحي خطب الجمعة وسوق انتقالات كرة القدم. يروي محمد حسين صبيح كبة طرفة تفيد أنّ خطيباً في أحد المساجد هبط من المنبر بعد خطبته وهو يرتجف من الخوف بعد أن أحاط المصلون به من كل جانب، ثم قالوا له بكل وضوح: قولك وخطبتك أن موقعة بدر كانت بالدبابات والقنابل...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *