تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

حول مظفر النواب الارستقراطي واليسار وأشياء أخرى

أكتوبر 8, 2021 | 0 تعليقات

مظفر النواب شاعر شيوعي كما عرّف نفسه وأجاب عن سؤالي له بلقاء عابر سريع بمدينة كولونيا غرب ألمانيا أو هو فوضوي يساري، حسب وصف كثير من محبيه وخصومه، لكني اكتشفت فجأة أنه نبيل ارستقراطي كبر في بيت تعزف فيه والدته البيانو، فمن هي إذاً الأم التي قالت:

 يا بني طش العمى بعيني

وجيتك بعين القلب أدبي على الدرب ألمشيته

شيلة العلاكة يا بني

تذكر جتوفي بلعب عمرك عليهن.

واخترت أن أحاور صحفياً كثير التقلبات حول الشاعر الساخط، فكان هذا اللقاء بطرقاته الوعرة.

لا يخلو الأمر من مفارقة، فالصحفي الصامت اليوم سيف الخياط الذي قذف حذائه بوجه منتظر الزيدي قاذف الحذاء الشهير قائلا ” أخاطبك باللغة التي تفهمها” وعاد بعد عامين ليكتب على جداره الإلكتروني: عرفت الآن لماذا أنصار مظفر النواب عملوا لي حفلة شتائم، لان الشاعر أبو عادل زعيم ومؤسس شعر الشتم الحديث، قد قال ” أولاد القحبة لا أستثني منكم أحدا”. استفزني سيف الخياط وأنا أعرف داخله فسألته: لماذا تقسو على روحك؟

سيف: عزيزي ملهم، لقد ورثنا حياة ووطناً من صنع سكارى ألليل، صنعه الشعر الزائف والثقافة الكاذبة والبطولات المزيفة، هذا الوطن غارق بالوحل بحكايات النضال الوهمية، مللت من مشاهدة فشلهم وصراخهم في آخر أليل، مجموعة كذابين وصفوا أنفسهم يوما بالمعارضة العراقية.

ملهم: بخصوص المعارضة وأنصاف المثقفين أتفق معك يا صديقي، وهذا الخراب الذي نحن فيه إنما هو ميراث المعارضة العراقية الرديء، لكن العراقيين المبدعين قلة، ويقف ضمن نخبتهم الأفضل النواب العظيم…أعرف أنك تقسو على نفسك أولاً بهذا الكلام، ولكن هذا لن يغير شيئا، علينا أن نعرف أين تكمن المشكلة، وهي حتماً ليست في النواب والجواهري وفائق حسن وناظم الغزالي ومراد الداغستاني، فهم قلوب البلد ورئته النابضة.

سيف: العراق والعراقيون مجرد (مزة) على طاولة مظفر النواب وكوكب حمزة وبقية شلتهم، كنت شاهداً لسنوات طويلة على تلك المسرحيات التي تبدأ في آخر أليل، كم تمنيت على مظفر أن يكون معنا في تظاهرات 25 شباط لكنه أراد أن يدخل بغداد بطائرة خاصة يدفع ثمنها رئيس الجمهورية، لأنه تعود على رؤساء الجمهوريات من حافظ الأسد إلى معمر القذافي، إن في وجه مظفر خيباتنا التي يراها أنصاره مجداً ورفعة.

ملهم: ما تقوله قد يكون صحيحاً، ولولا خيبة نخبنا لما آل البلد الى ما هو عليه، لكن هذا لايعني أن نضع المبدعين في خانة الصفر ونضع بلدنا من جديد في بداية سلم الإبداع، كما فعلت الجمهورية الإسلامية في إيران وأمست وطناً بلا نخب، بعد أن طردتهم وطاردتهم، ففروا إلى المنافي !

سيف: النخب هي التي تذل نفسها وهي التي تفتح النار علينا، نخبة تعتبر نفسها فوق النجوم، نخبة لا تعرف غير الإساءة للناس والتجاوز عليهم، نخبة (سكرانة). هل شاهدت ما كتبه الملحن كوكب حمزة عني لمجرد نشر صورة لمظفر، هذا الملحن الذي يجب أن يتحدث بالأنغام والأوتار… إنهم مجرد (…).

ملهم: كلامك فيه شيء واقعي، فأغلب المثقفين يعتقدون أنهم من طبقة الأنبياء، وأغلب المتأدبين يريدون المتاجرة بقضايا الشعوب على موائد الحكام، وأغلب المتأسلمين يريدون تصدير بضاعتهم للمسلمين الحقيقيين، وكثير من” الأدباء” لا يتقنون العربية ويخطئون في المبتدأ والخبر.. ولكن وطناً بغير نخب سيكون مثل أفغانستان، والعراق يسير حثيثاً بهذا الاتجاه. أعتقد أنّ الحل يكمن في إخراج النخب من سكرتها وأوهامها.

سيف: هذه النخبة عاشت في ليالي السكر أكثر من صباحات الدنيا، إنهم في حفلة ساهرة منذ خمسين عام، كيف تخرجهم من ثمالاتهم، كيف؟ حاول أن تجمعهم، إذا تمكنت من جمع شخصين فأنت بطل. أنا وأنت نفترض أنّهم نخبة، لكن لا يوجد دليل على ذلك.

ملهم: النخب التي تتحدث عنها، هل تضعها تحت عنوان نخب اليسار حصراً، أم أنت تتحدث عن شريحة الانتلجنسيا عموماً؟

سيف: أقصد النخبة المنتمية حزبياً لقوى اليسار، المثقف المنتمي للحزب الشيوعي وغيره من حركات اليسار وجد في الحياة الحزبية ممرا سهلا ليكون مثقفاً، لأنّ الأمر لا يحتاج الى إجتهاد وتجوال واطلاع وتجارب داخل الحزب، مجرد إحياء حفلة بمناسبة تأسيس الحزب أو الظهور بمقالات ثقيلة الدم وبأفكار مكررة في جريدة الحزب ستجعل منه مثقفاً، هذه كانت البداية لجميع المثقفين الحزبيين.هنا أصبح المثقف في قبضة الحزب وصار طبالاً لزعيمه سواء كان الزعيم صدام حسين أو من يتولى القيادة، الحزب عبارة عن سجن المثقف فيه يتولى مهمة كلب الحراسة

ملهم: إذا نخص الحديث بالنخب اليسارية، وتحديداً الشيوعيين والبعثيين؟

سيف: توجد نخبة مدنية حقيقية لكن هي نخبة منتجة ومشغولة بعملية الإنتاج ولكونها تعمل لا أحد يسمع صوتها، هي نخبة لم تتعلم الرقص مع فرقة الطبالين، دعني أضرب لك مثلاً عن النخبة التي أحترمها ومنهم زهاء حديد في مواجهة مظفر النواب، بالله عليك أيهما أكثر نفعاً وفائدة للعراق وللعالم؟

ملهم: زها حديد لا يمكن أن نضعها في مقارنة مع النواب، لكلّ تجربته وقدرته، كما أنّ لزها حديد عمق أرستقراطي ساعدها في الوصول إلى ما هي عليه، علينا أن نقارن النواب الشاعر ببدر شاكر السياب باعتبار الفقر قاسماً مشتركاً بينهما، كما أن علينا انتخاب نماذج من طرف مضاد، هل لك أن تُسمي لي مبدعا من اليمين (الإسلاميين والمحافظين) لنقارنه بالنواب؟

سيف: مظفر أرستقراطي أيضاً، لكنه أراد أن يكون نجماً في زمن كانت فيه النجوم عالية في السماء، لذلك إختار الحزب لأن في الحزب جيش من المساكين لا يميزون بين الفن والنحيب، لماذا نعتبر الإسلاميين يمين؟ أعتقد أن زها حديد من اليمين.

ملهم: ما نعرفه أن مظفرالنواب إنحدر من عائلة فقيرة سكنت الشواكة القديمة وانتقلت الى الكاظمية، وهم أبعد ما يكونوا عن الأرسقراطية، ربما نتحدث عن كونهم بغادة، لكن مظفر كان دائما يعلن أنه منتم للفقراء. نعم زها من اليمين، لكنها ليست مع السياسة، كان أبوها وزيراً في حكومة قاسم، هي ولدت وفي فمها ملعقة ذهب، ومن غير الإنصاف أن نحاكمها كما نفعل مع النواب. أريد أن أسألك بوضوح، لماذا يفتح سيف الخياط النار على اليسار، ألكي يكون ظاهر موقفه ولاء جديداً للنخبة الشيعية؟

سيف: للنواب بيت على دجلة في الكاظمية وعنده أم تعزف بيانو، ولم يكن النواب جائعاً لا من قبل ولا من بعد، وقد سمعت هذا الكلام من مظفر نفسه.

ملهم: هو على كل حال ينسب نفسه للفقراء، ويدّعي وصلاً بالشعب، وعلينا أن نقبل موقفه المعلن كما هو.

سيف: أنا متصالح مع نفسي وبيئتي، هذا هو شعبي وإذا أنا فتحت النار على اليسار فعندي أسبابي، لاحظ معي بدايات المواجهة بين المثقفين العراقيين.

ملهم: لنمضي أعمق من هذا، نحن لم ننس بعد أنّ س. الخياط هو الذي كتب “العقدة والعقيدة قصة الشيعة في العراق”، هل هي محاولة تكفير منك عما ذهبت إليه في كتابك ذاك الذي أغضب النخب الشيعية آنذاك في 2004؟

سيف: لم اكفّر عن كتابي، وكل ما فيه ما زلت مقتنعاً به، ربما توجد بعض المواقف تتحرك هنا وهناك ولكن هذا لا يُعد تراجعاً وإنما اكتشافات جديدة تفرض نفسها على عقلي. العراق شهد نهضة كبيرة كان للنخب فيها صوت مسموع. أغلب رموز تلك النخبة انضموا إلى الفريق الجديد وهو الشيوعي الذي دخل إلى البلد بدور مباشر من قبل المخابرات السوفيتية، غالبية أعضاء هذه النخبة اكتشفت أن المولود الجديد لا يلبي طموحاتها فانسحبت ، ومنهم السياب، ثم لحق به آخرون، الحزب وجد نفسه في تراجع وفشل فاضطر الى صناعة جيل الشعر الشعبي فظهر النواب وكامل السماوي و”عريانات “سيد خلف وكاظم الركابي وغيرهم الذين مثلوا جيلاً بكّاء.

ملهم: أنت تسميّهم جيلاً بكّاء، ولكنه جيل تقلبت ولاءاته، وإذا رجعنا للتاريخ، فالشعراء احتاجوا دائما إلى من يحميهم وينفق عليهم، والمتنبي شهادة على ذلك وأبو تمام والبحتري وأبو نوأس والقائمة تطول…الفن يربو في ظل السلطة، وهذا ما لم يفعله النواب قط!

سيف: النواب عندما ظهر وجد نفسه معزولاً وغير قادر على مجاراة مواهب عصره، كيف يستطيع أن ينافس قامات شعرية كبيرة مثل السياب ونازك الملائكة، وهكذا فقد اضطر ليكون موجوداً، أن يتبع طريق المعارضة، وداخل المعارضة توجد ذات الامتيازات التي يقدمها الحاكم، هنا توجد جماهير وهناك أيضاً، موقف مظفر من السلطة الغاشمة لم يكن حقيقياً والدليل انه تقاطع (اختلف) مع صدام حسين، لكنه كان متصالحاً مع حافظ الأسد وكان على علاقة مع معمر القذافي، النواب وحتى آخر لحظة كان يحصل على راتب من ديكتاتور ليبيا السفاح.

ملهم: نوري المالكي أيضا هرب من صدام واستظل بمظلة الأسد، هذا لا يعني أنه بعثي الهوى! أما عن راتب النواب من القذافي، فهناك أمثلة لشعراء وكتاب وأدباء كانوا يأخذون رواتب من حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران مثلا، بل إنهم كانوا مسجلين على قائمة رواتب وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران.. هل باؤك تجر وباؤنا لا تجر؟

سيف: نخبة اليسار نخبة غير مبتكرة على الإطلاق، هي نخبة تقلد الآخرين، لذلك كل ما فعلته نخبة اليسار هو استيراد بعض التصرفات، أي الشكل وليس الجوهر من شعوب شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية، لذلك قرعت نخبة اليسار العراقي نخب كؤوس الفودكا رغم أن جو العراق حار، لكنهم أرادوا تقليد سكان مدينة براغ أو كييف، ثم قاموا بجر أرجل البنات الى صفوف الحزب لكنهن وجدن أنفسهن على طاولات النوادي اليلية مجرد رفيقات برتبة عاهرات. أراك تبتعد وتبتعد ثم ترجع الى إيران؟!

ملهم: نحن نتكلم من واقع الحال ومن وقائع هذه المرحلة، فلا بد من المرور على أهم شواخصها، والشاخص الأهم هنا هو إيران، فهي موجودة في كل مكان، ومحور يكاد يكون حاسماً في كثير من الأحداث والصراعات.

سيف: بالعكس المالكي بعثي الهوى، أو دعني أقول (ديغولي)، وبالنسبة لإيران، فإنّ وسط وجنوب العراق أكثر قرباً الى إيران من غيرها، يا رجل!! عاصمة بلاد فارس كانت تقع جنوب بغداد بعشرين كيلومتر(المدائن)، والعراقيون تحدثوا بلغة فارس منذ سقوط الحضارة البابلية حتى الفتح الإسلامي!

ملهم: لابد أن نتحاور بهذا المنطق ما دام هجومك على اليسار، انا لا أتقن لغة الطائفية، ولا أريد أن أتحدث بمفرداتها، لكن، علينا أن نضع النقاط على الحروف، أسمع همساً عالياً على فيسبوك، أن س. الخياط يتقاضى راتباً من الفضائية العراقية القريبة من السلطة، لذا صار يتبنى خطاب السلطة ونخب الإسلام السياسي، كيف ترد على هذا الهمس الفاضح؟

سيف: ما أقدمه في التلفزيون يتعارض مع السلطة الحالية بل ينتقدها في الكثير من السياسات، حلقات برنامجي في التلفزيون موجودة على الإنترنيت ويمكن مشاهدتها وتكوين فكرة واضحة عني وعن طريقتي وعن أفكاري، كما أنا موجود على الأرض العراقية في أكثر من موقف وفعال.

ملهم: بالعودة الى موضوعة إيران، انا لا أعترض على إيران والعلاقة بها، بل بالعكس أجد هذه العلاقة لو كانت متكافئة مفيدة للعراق جداً، لكننا نتحدث عن النخب، والنخبة السياسية العراقية الحالية من مصلحتها أن تغيب النخب اليسارية التي طالما سيطرت على المشهد العراقي، لذا هي تحاول تسقيطها كما فعلت النخب الإسلامية في إيران، هل تتسق وتتزامن حملتك على اليسار مع هذا التوجه؟

سيف: كتبت أول كتاب وثائقي عن العراق عن تجربة مجلس الحكم في الوقت الذي كان يبحث فيه الجميع عن وظيفة، وكتبت العقدة والعقيدة وأنا معد ومقدم برنامج في قناة العراقية.  مشروع اليسار انهار في كل العالم، ونحن نعيش هذه الأيام نهايات اليسار في كل العالم، خلال السنتين الماضيتين حاول اليسار العودة من جديد وقررالناس أن يعطونه فرصة أخيرة، وحصل ذلك وعاد اليسار للسلطة في فرنسا وغيرها، والنتيجة كانت مشابهة لفترات سابقة، لذلك أعتقد أن اليسار سيختفي من الوجود والى الأبد لانه غير متجدد ولا يملك معالجات. نحن في العراق اذا جلسنا نعدد منجزات اليسار فسنقع في حيرة لانه ببساطة لا توجد منجزات بقدر التخريب والفوضى والثورات التي حرقت البلد، اليسار أوقف مشاريع التنمية والبناء في العراق.من الخطأ ان نلبس الناس كرفتات وبدلات رسمية لاجل أن يتمدنوا، بل الصحيح أن نرتدي أزياءنا التقليدية ونحترم إشارة المرور، هذه لم يفهمها اليسار، إعتقدوا أن التطور هو في السفور وفي شتم الدين وشرب العرق، فكانت النتيجة، أن أصبح عندنا مواطن سكران يلبس ربطة عنق حمراء متهدلة ويسيل عليها اللعاب والقيء.هذه هي صورة مثقف اليسار، إنها كاريكاتير مثل التوهان وفقدان البوصلة . في العراق يحتاج الناس إلى مدارس وجامعات وليس إلى خمارات، أنا لست داعية دين، كما أني لست ضد الخمر وشربها.

ملهم: أنا أيضا لا أدافع عن اليسار هنا، لكني أدافع عن الابداع، وتصادف أن أغلب الإبداع العراقي يقع تحت وصف اليسار لسوء الحظ. في رأيي أن اليسار خسر قضيته بالكامل، وأصبح محض بكاء على الأطلال منذ انهارت التجربة الشيوعية نهاية القرن الماضي. وأنا لست من أصدقاء الخمرة، ولكني لا ألعنها، ولا أدعم من يمنعون الناس عن احتسائها.. على المثقف أن لا يسير مع التيار، أعتقد أن وظيفة النخبة تحويل المجرى ليتخذ التيار الجارف مساراً آخر، وهذا ما لم تفعله نخب اليسار، ولكن غيرهم أيضا لم يفعل ذلك، أذكر لي مثالاً واحداً لمثقف يميني أو من المعسكر الإسلامي سعى لتغيير التيار، الأمثلة الموجودة كلها ساكتة أو خارجة عن الملة أو جرى تكفيرها. لنقف عند هذه النقطة ونختم الحوار: كيف تصف المثقف العراقي النموذجي اليوم وسط هذا الخراب الكبير الذي يجتاح المنطقة؟

سيف: المثقف هو الإنسان المتفاعل مع الحياة لأن الثقافة مثل التمارين الرياضية تنفع جسم الإنسان ، كذلك الثقافة هي مران من أجل بلوغ مستوى الوعي، المثقف ليس موظفاً ثقافياً بل هو شخص منتج للأفكار والآداب والفنون ضمن عملية صناعية كاملة، توجد دورة انتاج لا يجب الخروج عنها وإلا تحول النتاج الثقافي إلى حملات تعبوية فقط، المثقف هو الذي يكمل مشوار البحث البشري ويقدم صورة متطورة عن الواقع وربما تكون متقاطعة مع ما هو سائد، أما الذي يعيد انتاج اللوحة فهو مستنسخ وليس رسام وكذلك الشاعر والمسرحي، منطقة الإبداع هي التي تقرر من هو المثقف.

نحن في العراق نعيد انتاج ثقافات الأجيال السابقة على أنها ثقافتنا الشخصية، إنه تكرار لتجارب آخرين، لذلك يوجد توقف وجمود الآن، الأهم أن العقل الثقافي العراقي بنيوي غير مكتمل النمو لأنه يعاني من مشكلة الهوية وبدلاً من إيجاد حلول لهذه الأزمة قام باقتباس هوية حزبية او سياسية، أراد ان يتقنع بها أمام الناس، وأراد أن يهرب من جذوره أو من طائفته أو قوميته وحتى طبقته الاجتماعية، هرب من كل هذه الأسئلة التي تواجهه وارتدى قناع الحزب أو ما ينتشر الآن تحت عنوان (المدنية)، هذه الأخرى هي أيضاً مجرد موديل جديد يرتديه المثقف، على الرغم من أن العالم الحديث حل المشكلة ببساطة وهي فكرة الهويات العميقة أو الهويات الفرعية التي تكوّن في ما بعد هوية جامعة تصل إلى الهوية الإنسانية الكونية.

*(نشر في ميدل ايست اون لاين عام 2014)

بون- باريس/ ربيع 2014

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

مكتبات بدون مناسبة

مكتبات بدون مناسبة

بقلم محمد حسين صبيح كبة كنت في الثانوية قبل السادس الإعدادي في الخامس الإعدادي، وقتها علمنا أنا وصديق مسيحي أن هناك إمتحان في كلية معينة تقبل الطلاب قبل الإعدادية إذا ما نجحوا في الإمتحان. كان الأمر أشبه بحوزة دينية علمية لا تطبق النظام الفرنسي. علمنا بعدها بسنوات أنه...

قراءة المزيد
معجزة سفينة البحر المتجمد

معجزة سفينة البحر المتجمد

بقلم محمد حسين صبيح كبة   في شتاء معين وفي مكان بعيد عن العالم وعلى ساحل ذي بحر في عطلة نهاية الأسبوع قررت أن أتمشى على البحر مرة أخرى. الثلج هذه المرة يغطي المكان برمته وكأنه سجادة حيكت بدقة. المشكلة أنني لم أكن ارتدي حذاءً خاصا بالشتاء وبالثلج بل كان حذاء عاديا...

قراءة المزيد
مغامرة القصر الأخضر

مغامرة القصر الأخضر

بقلم محمد حسين صبيح كبة في مكان بعيد عن العالم وعلى ساحل بحر ما أثناء مرحلة دراسية معينة في حياتي قررت أن أخرج من مكان سكني لكي أتمشى على ساحل ذلك البحر. كان الجو صيفاً مما يعني إمكانية السير في يوم العطلة من الساعة الثالثة ظهراً. مررت في وقت ما ببيوت تعتبر الساحل...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *