نجم وصف يدل على معانٍ متباعدة وأحياناً متضادة، وهو يندرج تحت أوصاف الدين والهندسة والفن والسياسة وعلم الفلك. إنه رمز يتنقل بحرية فوضوية بين الدلالة الروحية وبين الدلالة الفنية. النجوم تسربت إلى أعلام الدول لأنها تدل على السمو والكمال، وتظهر النجوم في اعلام أكثر من 50 دولة. وقد غادرت النجوم علم العراق بعد زلزال عام 2003 السياسي الاجتماعي التاريخي، لتحل محلها عبارة “الله أكبر” كتعبير خجول عن هوية الدولة العراقية باعتبارها هوية إسلامية، وهكذا فإنّ مراقب الوضع العراقي يخال لوهلة أنّ النجوم التي كانت تظهر في العلم هي تعبير عن الهوية العلمانية للدولة آنذاك.
ومن منطلق الكمال والسمو، ظهرت على اكتاف ضباط الجيش والشرطة عبر العالم النجوم، ليكون ظهورها مطلقا في رتب: ملازم، ملازم أول، نقيب، ثم تختفي في رتبة رائد في النظام البريطاني ليحل محلها التاج (النسر لدى بعض الجيوش)، وتعود تظهر وتغيب حسب تدرج الرتب، وكثير من الضباط يعتبرون رتبة نقيب هي الأجمل لأنّ ثلاثة نجوم تتألق فيها، ورتبة عميد بين رتب القادة هي الأجمل لأنّ نجوماً ثلاثة تتألق إلى جانب التاج. ومن النجوم التي ترسم المجد وافتخار الشعوب والأمم على اكتاف ضباطها إلى تقييمات أخرى في سبل الحياة المعاصرة، فظهر تقييم النجوم في الفنادق والمطاعم، ابتداء من نجمة واحدة وحتى خمسة نجوم.
واتخذت النجوم دلالات رمزية مفعمة بالقداسة في الأديان، وخاصة النجمة السداسية التي لقبت حديثاً بنجمة داوود وباتت رمزاً للديانة اليهودية وللحركات السياسية المرتبطة بها، رغم أنّ النجمة السداسية تظهر في المساجد الأموية العتيقة منذ عصور بنائها، ولا أحد يعرف بالتحديد كيف ولماذا اتخذتها الحركة الصهيونية رمزاً، لكن الطائفة اليهودية في براغ عاصمة التشيك بدأت ترفعها في معابدها منذ القرن السابع عشر.
المفاجأة جاءت حين كشف الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي في مصر أنّ نجمة داوود التي تعبر عن علم إسرائيل هي إسلامية في الأساس ولا علاقة لها بالعلم الإسرائيلي الصهيوني من قريب أو من بعيد.
وبيّن الأكاديمي المصري د. ريحان في رسالته للدكتوراه والتي حصل عليها من قسم الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة بمرتبة الشرف الأولى أن “زخرفة النجمة السداسية وهى النجمة الإسلامية البعيدة نهائيًّا عن أي علاقة بالصهيونية، قد ظهرت على أربعة أطباق من الخزف المستخرج من منطقة رأس راية 10كم جنوب طور سيناء، ورغم ظهور النجمة السداسية في حضارات مختلفة قبل الإسلام ولكن دلالاتها في الحضارة الإسلامية ارتبطت بمعاني روحية سامية ودلالات خاصة، وقد عرفت النجوم في مصر القديمة في معبد دندرة من رسم لمسارات النجوم ومدارات الأفلاك وسقف مقبرة سنفرو من الأسرة الرابعة مزين بالنجوم السداسية وفى الديانة الهندوسية والزرادشتية، وكانت من الرموز الفلكية المهمة في علم الفلك والتنجيم أما انتشارها بشكل كبير فى الزخرفة الإسلامية على العمائر وفى التحف الفنية فهذا يرجع لارتباطها بمعاني دينية خاصة تؤكد العلاقة الوثقى بين السماء والأرض، وتعبر عن اندماج شكلين يمثلان السماء والأرض عن طريق تداخل مثلثين المتجه رأسه لأعلى وقاعدته لأسفل يمثل الأرض، والمتجه رأسه لأسفل وقاعدته لأعلى يمثل السماء”.
قرآن على غلافه نجمة سداسية
وهذا يعني أنّ هذه النجمة موجودة في الديانات الأخرى أيضا، فالمسيحيون يستعينون بها لتزيين كنائسهم وأديرتهم، وهي عندهم ذات معنى قريب جداً من المعنى اليهودي، الأغرب أنّ النجمة السداسية معتبرة ومحترمة عند المسلمين أيضاً، وهو أمر لا يعرفه كثير من مسلمي اليوم. فثقافة المسلمين عبر كتب التاريخ الحديثة تعرّف النجمة السداسية باعتبارها ختّم النبي داوود، وختم النبي سليمان، وكلاهما من الأنبياء وقد ورد ذكرهما في القرآن، وهناك مساجد في أماكن كثيرة ومنها ماليزيا، ومساجد الروهنجا الصينية، وبعض مساجد المغرب تزينها نجوم داوود، بل أنّ هناك مساجد في زنجان وسلفجكان وملاير بإيران تحمل نقوشها القديمة هذه النجمات. كما أنّ في تركيا مساجد وكنائس تزينها هذه النجمة.
واتفق عالم الآثار التلمودية أسّاف أفرام الخبير في التاريخ اليهودي، حين حاورته في مقال كتبته لموقع قنطرة الألماني، مع هذه الآراء مضيفاً أنّ استخدام النجمة السداسية على وجه الخصوص كرمز يهودي بدأ منذ القرن السابع عشر ميلادي حيث ظهرت على رؤوس حجرية في مقبرة بمدينة براغ وعلى بعض الأسيجة في مدينة فينا لتضع حدودا بين المناطق المسيحية والمناطق اليهودية في المدينة.
وأكد أفرام أن الحركة الصهيونية استخدمت هذا الرمز ابتداء من القرن التاسع عشر، فظهر على راياتها، التي أصبحت فيما بعد علماً لإسرائيل، مبينا أن “تعبير نجمة داوود يعود إلى القرن الرابع عشر ميلادي، وليس له جذور تاريخية قديمة ترتبط بتاريخ الملك داوود نفسه”.
واتفق عالم الآثار أسّاف افرام مع الرأي الذي يقول إنَ النجمة السداسية قد استخدمت في فنون الريازة الإسلامية وبقيت تظهر في بعض المساجد حتى يومنا هذا، وتعرف بنجمة داوود أو خاتم سليمان. وعاد الخبير في التاريخ اليهودي ليؤكد: “لا يمكن أن نربط أصل استخدام النجمة السداسية بموروث ديني محدد، لكن من الناحية الفنية فهي رمز ساحق القدم، وله شأن اليوم في الثقافات الهندوسية والإسلامية واليهودية اليوم”.
ويُعتقد أن أقدم نجمة سداسية هي تلك التي عُثر عليها في شرق الهند على جدران المعابد الهندوسية، وهي ترمز إلى التوازن بين الإنسان والرب. أما المسيحية فتدعو النجمة السداسية “نجمة الخليقة” وتظهر في كنائس وأديرة عديدة عبر العالم.
النجمة الثمانية ليست عربية الأصل
أما النجمة الثمانية التي يعتقد كثيرون أنها منجز إسلامي عربي بامتياز، فقد نسبها رئيس المركز الثقافي الكلداني الأمريكي عامر حنا فتوحي الى الموروث الكلداني – البابلي مؤكدا أن أهمية (النجمة الثمانية الكلدانية البابلية) لم تتوقف عند استخدامها في التاريخ القديم، بل أنها بقيت في الاستخدام خلال العصور اللاحقة وخير مثال على ذلك تشكيلاتها إبان العصر العباسي الزاهر الذي كان أساسه الفن البابلي القديم، حيث استخدمت في العمارة والخط والرسم.
ويؤكد فتوحي أنّ (النجمة الثمانية الكلدانية البابلية) كانت وحدها رمز حضارة بين النهرين (الكلدانية في وادي الرافدين) ودليل عزته وسيادته وتميزه تاريخياً وحضارياً.
النجمة الرباعية رمز الحركة
النجمة الرباعية لها شأن آخر، فهي أول ما عرفه الناس من نجوم، وتظهر في رسوم الانسان القديم على جدران الكهوف وفي اللقى الأثرية. النجمة الرباعية يتعامد ساقها الرابع في المسيحية فتمسي رمزا للصليب كما يؤكد موقع Symboles in Christian Art & Architecture، فيما تسمى النجمة الخماسية نجمة بيت لحم، وتمثل شكلا تجريدياً لإنسان قافز، وتجسّد خلق المسيح. أما النجمة السداسية حسب نفس الموقع فتمثل نجمة الخالق، وتمثل زواياها الستُّ أيامَ الخلق الستة، والملفت أنّ هذا يتفق مع ما جاء في النص القرآني أيضا “رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ”.
الغريب أن المصادر العربية والانكليزية والألمانية لا تقول شيئاً عن هذه النجمة، ولم أجد نصاً يمكن اعتماده للبحث في أصلها ورسمها ورمزيتها، ولشدة غرابة الموضوع وضعت سؤالا على فيسبوك بشأن نجمة حلف الناتو، فجاءتني إجابات تحيلني كلها إلى الانترنت، ولم يستطع أي من الأصدقاء أن يضيف كلمة واحدة الى العموميات المنشورة على النت، وخلاصتها أنّ معنى النجم: هو البوصلة بحسب الناتو والتي تبقيهم على الطريق الصحيح والدائرة هي الرابطة التي تربط أعضاء الناتو بأصرة القوة والوحدة…حسبما مكتوب بموقع الناتو … واللون الازرق هو لون المحيط الاطلنطي.
فيما انفرد أحد الأصدقاء بالقول: إنها نجمة الشمال North Star أو نجم الجدي Polaris ألمع نجم في قطبيْ الأرض، وهي قطب الرحى في علم الفلك.. وهو نجم عملاق عظيم التوهج يبلغ ضياؤه 1500 ضعف ضياء الشمس.. وهي ذات دلالة رمزية وروحية عظيمة وترتبط بالقوة والنفوذ والتأثير. ما كُتب عن نجمة الشمال من كتب ومؤلفات لا يمكن حصره وابحث عنها تحت هذا المسمى!
انتهى المقال وأغرب ما واجهني أن المعلومات عن النجوم ودلالاتها شحيحة جداً، ولم اجد تفسيراً لهذا.
0 تعليق