تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

المومسات – ضحايا أم ناشطات في اللذة؟

أغسطس 6, 2021 | 0 تعليقات

يسود الناس اعتقاد مفاده أنّ بائعات الهوى هنّ دائماً ضحايا أجبرتهن الظروف على بيع أجسادهن، لكن هذا الاعتقاد بدا لي غير صحيح وأنا أتجول داخل “منطقة الضوء الأحمر” في أمستردام، فهناك نساء بل ورجال يمارسون المهنة بشغف ولذة.

 في انتظار الزبون

في فناء السُلم الصغير لأحد المباني، تقف سلفيا ك. وهي ترتدي بكيني صغير يكشف عن كل تفاصيل جسدها البض بأعوامه العشرين. بجانبها أدوات العمل: سرير كبير ومنضدة زينة عليها عطور ومناشف صحية وعلبة للواقي الذكري وأدوات زينة وزجاجات ماء للشرب ومروحة كهربائية ومدفأة كهربائية صغيرة. وفي زاوية المكان خلف باب موارب مرحاض صغيرة فيها مغسلة ودوش، فيما تتدلى على أطراف الواجهة الزجاجية لفناء السُلم ستائر سميكة تسدل حين يدخل الزبون إلى الصومعة. هذه هي معدات الشغل ليوم واحد. سلفيا تنظر في عيون المارة وتختار منهم من تراه يصلح لأن يمتلك جسدها لنصف ساعة. لا مكان للعواطف هنا، ولكل شيء ثمن وللعمل قواعده، تقول سلفيا لزبون غني المظهر لكنه لا يعجبها، إنها لا تقبل التقبيل في الفم، وتشترط عليه استخدام الواقي الذكري ( والواقي شرط لا بد منه في كل السوق بلا استثناء وبغض النظر عن الثمن الذي يدفعه الزبون)، ثم تحدد له الوقت ونوع المواقعة، والثمن يبدأ من 70 يورو وينتهي بلا حدود حسب الرغبة والوقت المطلوب…

وتشكو سلفيا القادمة من بولونيا (كما تقول) من ارتفاع الأسعار، فهناك إيجار المكان، وتكاليف التدفئة والكهرباء والماء والصرف الصحي، علاوة على الضرائب التي تفرضها الدولة على السوق، بالإضافة إلى تكاليف الحماية التي يقوم مختصون بهذا الشأن. الا أن معدل دخلها الشهري في المجمل لا يقل عن 5000 يورو تنفقها على نفسها وعلى صديقها الساكن معها والذي لا تعرف نوع العمل الذي يجيده. تمتلك سلفيا سيارة حديثة، وتقول إنّ كل البنات في السوق بلا استثناء يمتلكن سياراتهن الخاصة، وهي تسافر كل عام إلى وطنها مرتين أو ثلاث لتعطي أهلها شيئا من المال.

الجنس مدفوع الثمن هل فيه لذة؟

بضاعة عربية

مادي (وربما كان اسمها الحقيقي مديحة أو ميادة) بملامحها الشرق أوسطية المثيرة تجذب زبائن من هذه المنطقة. تتكلم العربية بلهجة أقرب إلى الشامية، وتومئ بيدها فيما يترنح لبان معطر راقصا في فمها الشبيه بنصف قبلة. على جسدها غلالة سوداء رقيقة تكشف محاسن الجسد العشريني المتماسك المكتنز، أما ذراعاها العاريتان فتبدوان أكثر سمرة من وجهها الذي اكسبه المكياج بياضا مخادعا.

وصلت مادي إلى “سوق اللذة” في هولندا مع زوجها الذي عاد من أمستردام إلى وطنه ليجيء بزوجة تحافظ على التقاليد العربية (كما قال لها ولأسرتها حين خطبها)، إلا أن مادي بعد وصولها إلى العاصمة الهولندية اكتشفت أن زوجها سمسار محترف. وسرعان ما أقنعها أن تنزل إلى السوق لتكون مصدرا لدخل ثابت تدعم به تجارة زوجها وتعين به أهلها في الوطن البعيد، وهكذا دخلت هذا السوق قبل 4 أعوام. مادي أم لطفلة عمرها سنتين تتركها مع مربية عربية مقابل مبلغ غير زهيد لتقضي الليل في العمل.

وتحرص مادي على زيارة أهلها كل عيد محمّلة بالهدايا والنقود، وتبدو راضية بعملها، إذ تقول إنها تحبه وتجد “لذة في ممارسته” خاصة وأنها لم تواجه أي مخاطر ولم تصب بأي مرض منذ احترفت العمل.

في عالم المثليين يوجد بائعي وبائعات لذة

دكاكين للرجال المثليين

في مكان يشبه الحانة يجلس فتيان تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة وبين الخامسة والعشرين، كلهم يرتدون ملابس حديثة بماركات شهيرة ويستخدمون مستحضرات تجميل نسائية، الحواجب محفوفة بعناية، والوجوه والأجساد حليقة ناعمة.

لويس القادم من كولومبيا يتحدث بمرح عن مهنته. عمره 22 عاما، وجهه أسمر مليح، وزنداه العاريان المكتنزان يظهران من كنزة ملونة دون أكمام كأنهما زندا صبية جميلة. بيع الجسد بالنسبة له تسلية ومصدر دخل معتدل. مارس لويس الجنس في البداية بحثا عن اللذة دون ثمن، ثم اكتشف أنه يمكن أن يسوّق جسده ويجعله مصدرا للدخل، فصار يمارس المهنة بشكل محترف و هو راضٍ عن حياته.

يقول لويس إن أمستردام هي أفضل مكان للمثليين، حيث تحتفل العاصمة الهولندية كل عام باستعراض المثليين، وتوفر لهم حماية وحرية لا توجد في أي مكان في العالم. وحين يتحدث عن زبائنه وأحسن الأسواق التي زارها، يعدد لويس اليونان وتركيا وايطاليا كأفضل الأسواق، ثم يضحك وهو يتذكر حصيلة زيارته لإحدى دول الخليج العربية حيث ذهب كل مدخوله لتغطية أجرة الفندق، ويبدو عليه الضيق وهو يتذكر تفاصيل تلك الزيارة قبل عام إذ يبحث الزبائن في العادة عن صبيان لا تزيد أعمارهم عن 16 عاما، وغالبا ما كانوا يعتبرونه كبيراً على المهنة.

تجارة الجسد في عصر العولمة صارت مرتبطة إلى حد كبير بأسواقٍ بعيدة عن بلدان المنشأ التي تصدر بائعات وبائعي الهوى، وقد قسّمت العولمة دول العالم في المجمل إلى دول مصدرة للدعارة ودول مستوردة لها؛ الدول المصدرة هي الدول الفقيرة، والمستوردة هي الأسواق في الدول الغنية، وهو أمر يعكس المعادلة المعهودة بين البلدان المصدرة الغنية والبلدان المستوردة الفقيرة عادة.

ملهم الملائكة/ فصل من كتاب اللذة القريبة من الحب

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

الفأر الذي صار تمساحاً

الفأر الذي صار تمساحاً

هذا بالضبط ما جرى عليه، فقد استيقظ صبيحة يوم 9 نيسان 2003 وهاتفه المحمول الجديد يرن عليه برقم من قطر، فرفع نفسه من رقدته، وأجاب الهاتف وهو مرتبك وأطرافه ترتجف كعادته عند كل مفاجأة، وجاءه صوت ميسون منتجة البرامج في الجزيرة وهي تسأله أن يكون معهم في تغطية مفتوحة على...

قراءة المزيد
ترجمة عربية لأغنية “أي خدا” للمغنية الراحلة هايده

ترجمة عربية لأغنية “أي خدا” للمغنية الراحلة هايده

أي خدا....  أغنية المغنية الإيرانية الراحلة هايده التي عاشت أواخر ايامها في العراق إبان الحرب العراقية الإيرانية. الأغنية تجبرك على الحزن حتى إن لم تفهم الكلمات...هذه ترجمتي لها مقابل النص الفارسي: ای خدا، ای خدا، ای...

قراءة المزيد
كشف المستور من مجاهيل التصوف

كشف المستور من مجاهيل التصوف

الثابت حسب بعض المصادر أنّ أول رجل في الإسلام لقّب بالصوفي هو (أبو هاشم الكوفي)، المولود بالكوفة أيام كانت عاصمة للدولة الإسلامية في عصر الراشدين، هذا هو رأي عبد الباقي غول بنارلي، لكن الباحثين العرب القدامى، مهما أجهدوا أنفسهم لإرجاع لفظة (الصوفي) إلى أصول عربية،...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *