تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

الكاميرات الرقمية – ضربة قاضية لفن التصوير

يوليو 5, 2020 | 0 تعليقات

تطور الكاميرات في الهواتف الذكية جعل كل من عنده هاتفاً ذكياً مصوراً، وباتت مليارات الصور تتراشق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. مطلع الألفية الثالثة كان المصورون يضعون صوراً على مواقعهم برسم البيع، اليوم لا ينظر المصورون أنفسهم إلى تلك الصور. الصورة مهمة في لحظة معينة لكن مليارات الصور الأخرى لا تعني شيئا قط.

وفرة الكاميرات الراقية في الهواتف الذكية وانتشارها بين مليارات الناس جعل الناتج الوفير من مليارات الكاميرات عديم القيمة عديم الثمن. وبوسع المرء في أيّ وقت أن يذهب إلى الانترنت، ويبحث عبر مكائن البحث عن Photos free download  وستظهر له مئات ألوف الصور في مئات المواضيع معروضة مجاناً على النت، وبوسع الراغبين أن يستخدمونها ويعيدون نشرها كيفما شاءوا، حتى دون شرط الإشارة إلى حقوق المصور في أحيان كثيرة.

اللحظة تصنع صورة وليس العكس

صورة الرجل الساقط من أعلى برجي التجارة لحظة الهجوم الإرهابي عليهما، هي صورة لا تقدر بثمن، ولكن ألوف الصور التي التقطت معها لم تعد تهم أي انسان في العالم. المراهقون مولعون اليوم بجنون بالتصوير بهواتفهم الذكية عبر سنابتشات والتطبيقات الأخرى، ويتفننون في صناعة وإخراج تلك الصور وإضافة رتوش إليها، لكنّ هذه الملايين  المتدفقة من الصور لا تعني شيئاً لأي إنسان سوى المراهقين الأصدقاء أنفسهم، ويتلاشى اهتمامهم بها بعد أسابيع بسبب الصور الجديدة التي يلتقطونها.

الناس عبر العالم، يلتقطون مئات الصور أينما ذهبوا، بل باتوا يصورون أنفسهم بسيلفي حتى وهم يقضون حاجتهم في المراحيض. والمصيبة الأكبر أنّ هذا الكم الهائل من التفاهات ينشر ويتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويحصد لايك او إحدى أخواتها، ثم يختفي.

مقابل ذلك، فإنّ وجود شخص ما في لحظة معينة في مكانٍ ما تمكّنه من تصوير حدث معين أو فاجعة ما ونشرها، يجعل صورته منتقاة وتستقطب اهتمام وإعجاب الناس بأرقام مشاهدة مليونية كان لا يجرؤ حتى أن يحلم بها أعظم المصورين الفوتوغرافيين قبل 40 سنة، ومع ذلك لا يفكر أحد في أن يشتري منه حقوق هذه الصورة. حتى مواقع الأخبار تتعامل مع مئات آلاف الصور المجانية بمجرد حصول موافقة مصورها على نشرها.

التصوير الفوتوغرافي فنّ يندثر

وماتت تقريباً وظيفة المصور الفوتوغرافي الصحفي، فالصحفيون يلتقطون صور مقالاتهم وتحقيقاتهم الميدانية بأنفسهم وبعدسات هواتفهم المحمولة. المصور الصحفي يعمل اليوم حصرياً لوكالات الأنباء ونتاجه الجميل معرّض للمساومة مع وفرة البدائل التي يلتقطها الناس في كل مكان.

وسارعت شبكة نيتفليكس إلى أنتاج مسلسل تلفزيوني حول شاب عاطل عن العمل يتحول إلى مصور جرائم في لوس انجيليس، وينتج فيديوهات لقنوات التلفزة الشهيرة فيحقق نجاحاً هائلاً. المسلسل اسمه Crawler Night وانتج عام 2014 ويلخص بشكل ما القضية التي نتحدث عنها، وخلاصتها أنّ التصوير لم يعد فناً ولم يعد مهنة. المهنة اليوم هي اصطياد الأحداث التي تصنع الصور، وهذا جزء أساس من العمل الصحفي.

الشباب يخزنون عشرات ألوف الصور على Cloud أو على Google Drive ، وبعد اشهر أو سنوات يجدون مكان الخزن قد تضخم، فيسارعون إلى محو كل الصور التي طالما اعتبروها مهمة جداً. ولنتأمل نحن أنفسنا الصور التي نخزنها، سواء الورقية المطبوعة منها الملصقة في ألبومات صور الأسرة، أم الرقمية المخزونة في حافظات خاصة أو على أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية الشخصية. في زحمة الحياة اليومية، هل نملك وقتاً حقاً لتأملها، أو التمتع بها؟ المراهقون لديهم مقياسهم، هنا، فبمحض أن تخرب علاقاتهم بمن التقطوا معهم صوراً يسارعون إلى محوها، فينتهي ذلك الماضي المعتقل في لحظات إلى أبد.

البالغون، حين يعودون بعد سنوات إلى الصور التي وثّقت رحلاتهم وحفلاتهم ولقاءاتهم وزياراتهم، وأيام مرضهم وأيام نجاحهم، سيجدون أمامهم خزيناً كبيراً جداً من الصور لا يملكون الوقت لتصفحه، وبمرور الزمن سيدركون أن كل واحد من تلك الاحداث يستحق 3 أو 5 صور لا أكثر، وبالتالي سيسارعون إلى محو الصور الباقية وأعدادها بالألوف.

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

تأملات بلا قيود حول حرية المرأة

تأملات بلا قيود حول حرية المرأة

بقلم محمد حسين صبيح كبة  قبل أيام مرت علينا ذكرى يوم المرأة العالمي. وفي هذا الأمر يتذكر المرء أمر موضوعة تحرر النساء ومساواتهن بالرجال. يقال فيما يقال إن هناك أربعة دول هي الوحيدة في عالم اليوم التي فيها مساواة كاملة ما بين المرأة والرجل منها فرنسا على أيتها حال....

قراءة المزيد
تأملات في الحكايات والقصص

تأملات في الحكايات والقصص

بقلم محمد حسين صبيح كبة من أجمل القصص التي قرأتها في مطلع شبابي كانت مسرحية توفيق الحكيم الشهيرة الطعام لكل فم. المسرحية تحكي مما تحكيه عن قيام الشاب العربي الذي يدرس في الخارج بعمل رهيب يتمثل في نظرية الطعام لكل فم. هكذا بكل بساطة هي علاقة العنوان بالمسرحية. تدور...

قراءة المزيد
اعذريني…

اعذريني…

وداد عبد الزهرة فاخر* الإهداء دائما لمن نضعه بمكان كبير داخل قلوبنا ، ولسيمون اهدائي وتحياتي.   اعذريني.. فأنا الغر الوسيم واتركيني هائما وسط جنوني .. **** ودعيني.. ادخل القصر الجميل فأنا ذاك الصغير.. اه لو تدرين ما معنى الحنين!! وانا ألفظ قولا كالحميم وخذيني بين...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *