تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

الأطفال ودينهم…اختيار حر أم موروث عائلي!

سبتمبر 26, 2021 | 0 تعليقات

                           يولد الأطفال ويكبرون وفق عقيدة ورثوها عن آبائهم الذين ورثوها بدورهم عن أسلافهم، منذ زمن غير معلوم، وسيمتد حتى أجل غير محدد. إنّه موروث غامض تتناقله الأجيال مثل الاسم الذي يمنح للطفل حال ولادته فيلتصق به إلى أبد، ومثل الوطن الذي يولد فيه فيتحول إلى مصيره الأزلي، ومثل مورث الانتماء الإثني، والهندسة الجينية التي تحدد لون العين ولون الشعر ولون البشرة وشكل العظام وحجم المخ، واستدارة الغدة النخامية وعروق الغدة البنفسجية وما يتعلق بالتكوين البايولوجي برمته.

الإسلام يؤكد أنه جاء ليحرر الشعوب من العبادات الموروثة، ومن أوهام وخرافات ديانات الآباء والاجداد:

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (الزخرف 22)

وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23 الزخرف)

لكن ما يجري في العادة، أن أطفال المسلمين يرثون عن أهلهم دينهم، فيولدون مسلمين سنة أو مسلمين شيعة، وهم بذلك على دين أجدادهم، ويعبدون ما عبد اسلافهم الأبعدين. أما نصوص الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد فلم تدعُ الناس إلى تغير دين آبائهم وأجدادهم، لكن في النتيجة المولود لأبوين مسيحيين كاثوليكيين، يولد كاثوليكيا، والمولود لأبوين يهوديين يولد يهودياً…أليس هذا توريثاً للأديان؟

الأخطر من هذا، أنّ المسلم إذا حاول أن يتخلى على هذا الموروث الذي لم يختره، وقرر أن يختار لنفسه ديناً آخر، فإن المسلمين يعتبرونه مرتداً ويحللون قتله:

“وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ، فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِى الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة: 217).

“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة:62).

” وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (آل عمران:85)

وهكذا يولد الأطفال عبر العالم وقد ورثوا رغم إرادتهم دين آبائهم وأجدادهم، فهم مسيحيون أو يهود أو مسلمون أو هندوس أو بوذيون أو حتى شيوعيون وماركسيون وبعثيون، وكلهم فيسبوكيون يبشرون بدياناتهم وعقائدهم!

والمرء هنا يتساءل: أين هي حرية العقيدة، وأين هو الإيمان القائم على الدليل والبرهان؟ كيف يعرف المولود تواً الإيمان بالبرهان والدليل؟

وقد خرج البخاري في “صحيحه” (1385)، ومسلم في “صحيحه” (2658)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قوله: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاء.

أليس هذا جبراً رهين الولادة؟

إذا كان الدين موروثاً، فلماذا الجدل الطويل العريض حول الجبر والتفويض؟

الإنسان في الحقيقة مسيّر مجبور على دينه وجنسه وجيناته ووطنه وملته ولونه وعشرات الأشياء الأخرى. والسؤال الخطير هنا: إذا كان الإنسان مسيراً مجبراً غير مختار، فلماذا يعاقبه الله أو يثيبه؟

وهذه الأسئلة تبدأ منذ ولادة الطفل كما أسلفنا.

معلمة العقيدة البهائية، الأمريكية نانسي لي سيسيلي كشفت في مقال كتبته لموقع Reno Gazette Journal أن المولودين لأبوين بهائيين، وخلافاً لكل أبناء مواليد أبناء الديانات الأخرى، لا يرثون آلياً دين والديهم، بل يتاح لهم حين يبلغوا سن الخامسة عشرة أن يتعنقوا الديانة البهائية، على أن يرغبا بذلك ويعلناه دون ضغط من أحد. ولكن لابد من القول، إن والدي الطفل وقبل بلوغه الخامسة عشرة، يعلمانه أشياء عن البهائية، وعن ديانات أخرى، ليتاح له القرار. الوالدان مسؤولان بشكل مباشر عن السلامة الروحية لأبنائهم، وهكذا يتاح لهم منذ نعومة أظفارهم أن يعرفوا ربهم ويعشقونه إن رغبوا، لاسيما إذا كشف الوالدان عن قدرات الرب وأثره في الحياة المعنوية للناس في سبل الحياة.

كل شاب متاحة له الحرية الكاملة لتقصي إجابات الأسئلة الصعبة حول سبب وجودنا، ونمط حياتنا الذي يجب أن نسلكه، علاوة على الغرائز البشرية الأساسية الدالة على وعي الانسان. كل هذا يساعد الطفل على أن يلمس بنظر عينه وحواسه ووعيه حقائق الأشياء، لا من خلال وعي الآخرين. وتختم المعلمة الأمريكية بالقول: إنّ وعي الإنسان مقدس ولا بد من احترامه”.

هذا الذي ذهبت إليه المعلمة الأمريكية يبدو يوتوبيا في عالم توريث العقيدة، والوصول على هذه اليوتوبيا دونه صعاب، بل دونه دماء تسيل. وعلى كل حال فإنّ محبة الأبوين وثقافتهما وسعة آفاقهما هي التي تعين ديانات بنيهم، وفي هذا كتب سوامي فيدانندا، وهو راهب هندوسي: يتعلق الأمر بمستوى فهم الوالدين للدين، هل هو مجرد طقوس وشعائر يمارسها الأهل أسوة بغيرهم، أم هو عقيدة عميقة يفهما الوالدان شاعرين أنها تؤثر فعلا في حياتهم وحياة من حولهم. فاذا كان الحال هكذا، فإن الأبناء سيأخذون عن أهلهم اخلاقيات وقيما اجتماعية، وتعاطفا قلبيا مع من يعانون، علاوة على روح سامية من الإثرة والاستعداد للمساعدة والبذل دون مقابل لكل الكائنات، وهذه بحد ذاتهم سيدلهم على اعتناق الدين الصحيح الذي يجسد هذه القيم، وسيتخذون بأنفسهم القرار الصائب.

حين تبحث عبر النت عن افلام ووسائل ايضاح لتعليم الاطفال افكارا عن الدين وفكرة الخالق والخلق، لن تجد باللغة العربية سوى مئات الافلام عن الاسلام، وهذا يعني أن الطفل محروم من حرية الاختيار، فكلما معروض أمامه هو الإسلام وتعاليمه.

ملهم الملائكة/ من كتاب “شيء عن الأديان”

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

السلامة من الحرائق في المنزل – الحلقة الثانية

السلامة من الحرائق في المنزل – الحلقة الثانية

أ. صباح علو / خبير السلامة اًولاً: تدابير السلامة التي يجب أن تتوفر في منزلك هي: طفاية حريق متعددة الأغراض (بودرة - ثاني أكسيد الكربون) ولابد من ملاحظة الآتي: -   وضعها في مكان بارز يعرفه جميع أفراد الأسرة وبشكل رأسي. -   وضعها في مكان لا يمكن الأطفال من العبث بها. -...

قراءة المزيد
السلامة المنزلية (الجزء 1)

السلامة المنزلية (الجزء 1)

سلسلة مقالات بقلم صباح رحومي السلامة هي العلم الذي يهتم بالحفاظ على سلامة الإنسان، وذلك بتوفير بيئات عمل وسكن آمنة خالية من مسببات الحوادث أو الإصابات أو الأمراض من خلال سن قوانين وإجراءات تحث على الحفاظ على الإنسان من خطر الإصابة والحفاظ على الممتلكات من خطر التلف...

قراءة المزيد
عوالم السينما الخفية

عوالم السينما الخفية

الكاتب والباحث محمد حسين صبيح كبة تمهيد:  هذه الوريقات هي محاولة لسبر أغوار عوالم لا نعرف كنهها بدقة عالية. السينما هي فن نستمتع به في أحايين وندرس عن طريقه أحايين أخرى وأشياء أخرى لكننا لا نعرف كنهه بالضبط والدقة. وهذا يعني انها قد تكون مثل الكهرباء الذي لا نعرف كنهه...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *