تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

ألمانيا…العائلة أم الحيوانات المنزلية؟

ديسمبر 2, 2020 | 0 تعليقات

الألمان شعب يميل إلى حياة الأسرة، وهذا قياس نسبي بالمقارنة بجيرانهم من الأوروبيين، ولكن الحقائق تتجه في منحى آخر، فما زالت نسبة الأطفال 1.4 للفرد في هذا البلد، وهي نسبة متدنية جداً، تضع هذا البلد الغني العريق في آخر قائمة النمو السكاني بأوروبا. مقابل هذا، يسبغ الناس الحب والدفء على الحيوانات المنزلية أكثر مما يفكرون في إنجاب الأطفال واسباغ الحب والحنان والمال عليهم.

العائلة في ألمانيا هي حلم نموذجي، لكنّ نسب الطلاق مرتفعة جداً، حيث لا تنتج الزيجات أكثر من طفلٍ واحدٍ كمعدل، فيما يعيش الأطفال مع أحد الشريكين وغالباً الأم. في العلن، يلحظ المرء ترحيب الناس بالكلاب أكثر من اهتمامهم بالأطفال. وعلى العموم يعتبر الأطفال مصدراً للضوضاء والفوضى والقذارة، وعنصراً سالباً للحرية، وسبباً مباشراً للأنفاق الباهظ.  كما أن أغلب الألمان يعيشون في شقق صغيرة وبالتالي فإن الأطفال غير مرحب بهم من أغلب سكان العمارات.

مقابل هذا التوجه، تحمي تشريعات الدولة الأسرة، وتشجع الانجاب بشكل كبير، فالدولة تمنح كل طفل مبلغ بات يصل الى 220 يورو في الشهر(عام2020) حتى يصل لمرحلة الاعتماد على النفس، كما يحصل الوالدان على إعفاءات ضريبية كبيرة بسبب انجابهما. وكلما زاد عدد الأطفال في العائلة، تحسن مستوى الدخل بشكل عام. هذا غير أن الدولة ما برحت تتفتح المزيد من رياض الأطفال والمدارس بمختلف المستويات.

ورغم التحفظ، فإن لدى الألمان فهم عميق لدفء العائلة gemütlich، وهو فهم متداخل مع فكرة البيت/ الوطن Heimat ، حيث تستقر الاسرة آمنة وتنعم بالشبع والدفء والأمن. بل أن مناخ الأسرة يحمي الأفراد من مشاعر الغربة والحنين القاسي إلى مرابع الطفولة في عالم قاسٍ يتزاحم فيه الناس بشدة على مصادر الحياة كافة وتضيق بهم السبل.

وحسب تقرير نشره موقع دويتشلاند.دي أي  فقد بلغ عدد العائلات في ألمانيا عام 2015 حوالي ثمانية ملايين أسرة لديها أولاد دون سن الرشد. على الرغم من أن النسبة الأكبر من الوالدين متزوجون (5,5 مليون)، إلا أنه يوجد أيضاً الكثير ممن يعيشون بالمساكنة، دون زواج (843000). إلى جانب الأسرة المتوسطة يوجد أيضا العديد من المربين الوحيدين، أي أحد الوالدين (1,6 مليون). الغالبية الساحقة من هؤلاء هنّ الأمهات (1,5 مليون)، بينما يعيش 11 في المائة فقط من الأطفال مع الأب، دون الأم.

صحيح أن عدد أسر ما يسمى قوس قزح، أي الأزواج المثليين مازال في ألمانيا ضئيلاً، إلا أن هذا العدد قد ازداد بأكثر من الضعف، من 3000 في عام 1996، ليصل الآن إلى 7000. وقد تراجعت في المقابل أعداد الأسر الكبيرة التي تضم عدة أجيال من 351000 في عام 1995، لتصل الآن إلى 209000.

وقد ارتفع الدخل المتوسط للفرد في الأسرة بين عامي 2004 و2014 بمعدل يقترب من 23 في المائة، حسب التقرير.

وعلى العموم، فإن مستوى معدلات الانجاب لدى الألمان ذوي الأصول المهاجرة مرتفع بنسبة الضعف إلى نسبتهم لدى الألمان ذوي الأصل الجرماني والأصول الأوروبية.

ورغم التسهيلات التي تقدمها الدولة، فإنّ نظام التدريس في ألمانيا يحرم كثيراً من الأطفال من فرص العمل الجيدة، لأنه قائم على تفضيل خريجي مدارس Gymnasium علماً أن المدارس مصنفة كالتالي:

Gymnasium

Real

Gesamt

Beruf

Haupt

وبهذا فإن أغلب التلاميذ سوف ينتسبون للأنواع الأخرى للمدارس، فيما تصبح الجامعات مقتصرة على قبول خريجي النوع الأول منها.

ومع كل التسهيلات التي تقدمها الدولة لإنجاب الأطفال وتربيتهم يفضّل أغلب الناس في هذا البلد تربية الحيوانات المنزلية والعيش معها، وتتقدم الكلاب والقطط قائمة الحيوانات المنزلية، بعدد بلغ 34.4 مليون قطة وكلب عام 2018، علاوة على الزواحف والطيور وأسماك الزينة. المفارقة أنّ الأسر التي فيها أطفال تفضل اقتناء القطط والكلاب، وتبلغ نسبتهم اليوم 63 بالمائة، مقارنة ب 22 بالمائة لعزاب يربون حيوانات منزلية. وهكذا سيزداد عديد الأسر، ويتناقص عديد الأفراد الذين يعيشون خارج منظومات العائلة.

تنجب الأسر الألمانية عادة طفلاً واحداً فحسب

ويبلغ عدد القطط التي يقتنيها الألمان اليوم 14.8 مليون قط، مقابل 9.4 مليون كلب. وتجاوز عديد الطيور حبيسة الاقفاص في هذا البلد 4.8 مليون طائر، فيما بلغ عدد أحواض تربية الأسماك المنزلية “اكواريوم” نحو1.9 مليون حوض. هذه الإحصاءات وردت في تقرير سنوي أصدره موقع بيت ورد وايد في عام 2019.

ويعرض موقع الحكومة الألمانية الرسمي على الأنترنت أن معيشة الفرد في شبكة تضم أفراد أسرته وأصدقاءه يساعده في قضاء احتياجات الحياة اليومية ويدعمه في أوقات الحاجة. ويبقى الزواج هو الشكل الأكثر شيوعاً في الحياة المشتركة. ويعرض الموقع مقتطفاً مما عرض في أحد المؤتمرات الرسمية عام 2015 وجاء فيه:

“إذا سارت الأمور على ما يرام في العائلة، فسيسير كل ما سواها وفي كل مكان على ما يرام”. هذا الوصف يقع على أغلب الناس في ألمانيا ممن يعتبرون الأسرة تكويناً أساسياً في حياتهم، والحقيقة أن توجهات الدولة الألمانية قائمة على توفير الرفاهية للناس ولمن يعيشون معهم، سواء كأفراد في أسرة واحدة، أو كشركاء وأصدقاء دون النظر الى انتمائهم الجندري.

تعيش الأسر اليوم في ألمانيا تنوعاً كبيراً، فإلى جانب الشكل التقليدي المركزي للأسرة، برزت أنماط أسرية وغير أسرية أخرى متنوعة، وباتت جزءاً من النسيج الاجتماعي السائد. لكن تبقى الاسرة موضع رعاية الدولة والكنيسة والمجتمع إلى حد كبير.

في عام 2001 بات قانون الشراكة المدنية المسجلة فعالاً، ومنذ عام 2017 بلغت نسبة العزاب الذين يعيشون وحدهم من الجنسين 34 بالمائة من عدد السكان. ويشمل هذا العلاقات المثلية والشراكات الناجمة عنها. وبشكل عام يعيش أكثر من نصف السكان في البلد مع زوج او زوجة، وتبلغ نسبتهم 56 بالمائة من مجموع السكان حسب إحصاء عام 2017.

يعيش الابناء مع أحد الزوجين حين الطلاق (صورة رمزية)

إزاء هذا، وعلى مدى عقدين، تصاعد عدد الأطفال الذين يعيشون مع أحد الشريكين أو الزوجين فحسب، يعيش اليوم واحدٌ من كل خمسة أطفال مع شريك أو زوج سابق فحسب، وغالباً مع الأمهات أو الإناث.

ويبلغ عدد النساء اللواتي يعشن مع أطفالهن فحسب 1.35 مليون، حسب إحصاء عام 2018. وأهم ظاهرة تسم الأطفال الذين يعيشون مع أمهاتهم، هو تعاظم احتمال تعرضهم للفقر.

ملهم الملائكة

تابعني

روابط مهمة

مؤلفاتي

مقالات ذات صلة

مغامرات رياضية نحوية

مغامرات رياضية نحوية

بقلم محمد حسين صبيح كبة  أعطى أستاذ مادة معينة أوراق الأسئلة للطلاب. وكان هناك تقسيم للطلاب بحيث أن طلاب الصف الأول يجلسون في شكل حرف تي الإنكليزي منعا لأي غش أو لأية مشكلة وهكذا بقية الصفوف. تفاجأ طلاب الصف الرابع بأن أحد الأسئلة في درس معين يبدو غريبا بعض الشيء. كان...

قراءة المزيد
فيلم مصري ودرس عراقي

فيلم مصري ودرس عراقي

بقلم محمد حسين صبيح كبة الحكاية الأولى يبدو واضحا للعيان أن الفيلم العربي المصري صراع في الوادي هو فيلم به ثيمة وبه حبكة مصوغتان بعناية فائقة. الواضح في الفيلم قيام الفلاحين بزرع القصب وفي سنة من السنين كان منتوجهم من الدرجة واحد بينما بسبب سوء إدارة إبن شقيق الباشا...

قراءة المزيد
مكتبات بدون مناسبة

مكتبات بدون مناسبة

بقلم محمد حسين صبيح كبة كنت في الثانوية قبل السادس الإعدادي في الخامس الإعدادي، وقتها علمنا أنا وصديق مسيحي أن هناك إمتحان في كلية معينة تقبل الطلاب قبل الإعدادية إذا ما نجحوا في الإمتحان. كان الأمر أشبه بحوزة دينية علمية لا تطبق النظام الفرنسي. علمنا بعدها بسنوات أنه...

قراءة المزيد

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *