بقلم محمد حسين صبيح كبة
بدأ الأمر المثير للجدل والطريف عندما قال لي صديق وقريب أن لديه مشكلة وأنه يسأل هل يمكن حلها بخبراتي في لعبة الشطرنج.
كان أخاه، لحدود ما أتذكر، هو من أتصل بي وقال لي تعال بهدوء وعلى أقل من مهلك.
وبعد قليل وصلت لبيتهم ووجدته مهموما ثم طلبت منه أن يشرح لي المشكلة.
كان الأمر التجريدي البحت في اللعبة الموقفية أنه يجب أن يفوز باي شكل من الأشكال ومع هذا فاللاعب الأسود الآخر لديه بيدق سالك والملك الأبيض لا يستطيع اللحاق به رغم أنه الأبيض يعني لديه بيدقان أو ثلاثة على جانب الرقعة لكنهم بعيدين عن أن يتفرزنون.
بعد قليل من التفكير وصل عقلي ووصلت خلايا عقلي الرمادية على رأي أجاثا كريستي إلى حل رهيب.
الحل هو أن يقوم شخص متمرس بتحريك الرقعة نفسها بحيث يتحرك الملك الأبيض مربعا واحدا على الأقل بينما لا تتحرك بقية القطع وهكذا يكون في مسافة أخذ البيدق البيض ومنعه من الوصول للفرزنة.
وقلت له أيضا أنه حتى لو فكر الأسود في هذه الحالة بالحصول على البيدقين وكان لديه الإمكانية لذلك (كان على بعد نصف الرقعة) فإنه ممكن بتحريك أحدهما وكانا جنب بعض خطوة لأمام فإن الملك الأسود لن يجرؤ على اخذ البعيد عن الفرزنة لأنه في هذه الحالة سيسمح للآخر بالتقدم من دون عائق وأنه عليه أن ينتظر الملك الأبيض ليرى ما الذي سيحصل وبهذا فسيكون لدى الأبيض الوقت الكافي لأخذ البيدق السالك ومن ثم العودة للمساعدة في فرزنة بيدق أو ربما بيدقين.
كانت الخطة جهنمية لكنها قابلة للتطبيق.
بعد قليل من المراس استطاع هو أو أحدهم من عمل اللازم.
بالطبع هنا كان علينا أن نفكر ما هو التطبيق النحوي والواقعي للأمر ولو لنوع واحد على الأقل.
كان من جراء ذلك أن فكر صديقي أنه بتحريك حجر حدود معين مع علم الدولتين المعنيتين بالأمر سيكون بالإمكان فعل اللازم تماما.
كانت الفكرة معقولة.
ورغم أنها لم تكن فكرتي إذ أنا فكرت بالحل شطرنجيا لا غير لكنه كان حلا مناسبا ولو لنوع واحد من أنواع التطبيق للأمر الجلل.
بعد ذلك مرت سنين طويلة قبل أن اشاهد فيلما انكليزي النطق عن واقعة تستعمل نفس فكرتي لكن بعكس عكاس معين.
كان الفيلم يحكي قصة ربما خيالية عن قبيلة في أمريكا وكيف أنها تعلم بعد قليل من التمحيص أن هناك جيشا أمريكيا يتقدم نحوها لإبادتها تماما.
تكتشف القبيلة أنها تستطيع التحرك باتجاه الحدود الكندية لكي تنجوا من الأمر الجلل. لكن المشكلة هي في الوقت الذي ستستغرقه للوصول للحدود وطلب اللجوء بعد ذلك.
كان الجيش بقيادة شخص معروف بكراهيته للقبيلة المعنية لكن حاكم الولاية كان متعاطفا مع القبيلة ولهذا فكر في خطة جهنمية. نعم خطة جهنمية، فقد قرر أن يستعمل خطتي بالضبط والدقة لكن بعكس عكاس معين. إذ اتصل سرا بالحكومة الكندية طالبا منها أن تتقدم بضعة مليمترات على الخارطة لكي تستطيع القبيلة من الوصول للحدود في الوقت المعين قبل أن يصل إليها الجيش لكي تطلب اللجوء. وبهذا تم حل المشكلة برمتها إذ ما أن وصل الجيش لمكان يعتقدون فيه أنهم ما زالوا في الولايات المتحدة إذا بهم يفاجأون بأنهم إذا عبروا خطا معينا أصبحوا في كندا. وفي حال دخولهم الأراضي الكندية معنى ذلك حربا شعواء بين أمتين على جانبي خط الحدود الجديد الأطول في العالم.
هنا التفسير الشطرنجي للأمر أنهم حركوا الرقعة بحيث يصبح الملك الأبيض بعيدا بمربع ولو لا غير عن البيدق السالك. أي بعبارة أخرى بعكس عكاس معين لنظريتي.
كنا نلعب عادة في الأرض الفضاء غير المبنية حين كنا في الجادرية ببغداد، إذ نضع حجرا كبيرا موجودا في المكان وعندما لا نجد غيره نضع نعال أو حذاء أحدنا غير الرياضي كعارضة ثانية أما العارضة الأفقية فالكل يقدرها تقدير إذ كانت كل الألعاب التي تجري في هذا الملعب ودية حتى في حال عملنا لدوري من أربع فرق مثلا مع ربع ساعة لكل شوط. وبالعادة عندما نلعب فنحن أقل من الفريق الرسمي بـ 11 لاعبا لكل فريق إذ لم يكن يتجاوز عددنا حتى في حال فريقين لا غير سبعة أو ثمانية لكل فريق أصلا.
ما أتذكره هو أن الرجل لم يبتسم لنكتتي حتى بل ظل ساكتا وصامتا.
في لعبة أخرى من عشر نقاط من يصل إليها أولا هو الغالب بيني وبين نفس القريب أو من يشبهه.
كان الأمر أننا بدأنا نلعب فإذا بإحدى اللعبات والجولات تنتهي بـ 3 وزراء لي ضد وزيرين له وفيها بين لي اللاعب الآخر بوضوح أن هذه اللعبة بالذات هي كل الدست لكن بطريقة مجمعة ولقد تفاجأ أني فزت عليه.
وفي نهاية الأمر أصبح عندي 10 نقاط ضد ثمانية أو تسعة له هنا بدأ يعترض بأنه يجب أن يكون الرقم عشرة ونصف وليس عشرة بالذات أنه قريب العشرة هو نفسه.
هذا الأمر في محل إختلاف اساطين علوم الشطرنج هل في لعبة كاربوف وكاسباروف التي كانت من 24 نقطة إذا ما كان اللاعبان لديهما 23 نقطة هل معنى ذلك أن النتيجة يجب أن تكون من 24 ونصف؟
أتذكر جيدا أني وهذا الشخص كنا وحدنا من لديه التوقيت الفعلي لبدء اللعبة ولم يكن أحد سوانا يعلم بالأمر لأننا الوحيدان اللذان سيلعبان اللعبة الأولى وهكذا ضبطنا ساعتينا وقررنا أن نبدأ في يوم معين في ساعة معينة حددناها مسبقا وبالفعل بالضبط والدقة بدأ اللعب في الساعة المعنية ذاتها. وأتذكر جيدا شكنا وريبتنا في أن شخصا ما على الأقل في الغرفة قد يكون ليس بالجيد ليس أنا على أيتها حال.
وأتذكر جيدا لعبة القرن في الشطرنج بين فيشر وسباسكي وكيف قيل لنا أن اللعبة بينهما التي بـ 3 ورزاء ضد وزييرين ممحية وممنوعة من النشر أصلا رغم أنها شبيهة بلعبتنا.
كان هذا المقال / البحث البدئي عن أمر شهير وهو تحريك حجر الحدود في فيلم معين قد يكون من أفلام الخيال العلمي (الساينس فكشن) مع أية أمور أخرى.
0 تعليق